الشاعر الأديب / حسام أبو صالحة
ليسانس آداب وتربية - كلية التربية - قسم دراسات إسلامية- جامعة الأزهر رئيس قسم الدراسات العليا والعلاقات الثقافية بكلية الهندسة جامعة طنطا. ابن شبشير الحصة. طنطا
مُقَدِّمَةٌ: يا مَنْ تنشدونَ حُبًّا نَقِيًّا.. صَافِيًا مِنْ نَبْعِهِ . هَاكُمُ حُبُّ النَّبِيّّ لآَلِهِ.. غَيْثًا نَدِيًّا مِنْ وَصفِهِ . حُبُّ النَّبِيّّ مُحَمَّدٌ لخَدِيجَةٍ..كَٰذَاكَ حُبُّ خَدِيجَةٍ مِنْ حُبِّهِ. كَٰذَاكَ حُبُّ ابنُ الرَّبِيعِ لزينبٍ .. مَا بِهِ رِيبَةٌ أنْعِمْ بِهِ! قد زَانَهُ شَرَفُ القَرابَةِ مُتَوَّجًا.. بإنْكَاحِهِ خَيِّرَاتُ نسلِهِ. تحدثَ الكُثُرُ عَنْ هَذا الوَجْدِ، وتلكمُ المحبَّةِ الغامرةِ النَّقِيَّةِ ،الطاهرةِ، الشريفةِ ،العفيفةِ، وشرفُها راجعٌ لطيبِ نبتِها، وأصالةِ جِذرِهَا، وحُسنِ كَنَفِها؛ إذ نمتْ بأركانِ بيتِ النُّبَوَّةِ المُحَمَّدِيَّةِ لإحدىَٰ بناتِ خيرِ خلقِ اللهِ تعالىَٰ سيدُنَا مُحَمَّدٌ ﷺ وهىَ السيدةُ النديَّةُ زَيْنبُ، وزوجُها أبو العاصِ بنُ الربيعِ، قصةٌ لم أرَ لَهَا نظيرَ، ولمْ أَعهَدْ بهَا مَثِيلَ ضَربًا للتفانِىَ
بالإخلاصِ، والصدقِ في المحَبَّةِ الخالصةِ دونَ شائبةٍ بتعكير عِشْقٍ، أو انصرافِ وَجْدٍ لزوجٍ مُحِبٍّ مُخلصٍ لزوجَتِهِ ذو قَرَابَةٍ، وقُربٍ مؤثِرًا إيَّاها محبتَهُ، مُفَضِّلًا لها علىَٰ مَا سواهَا، راغبًا بودِّها، سَاعِيًا لرضائِها، مُكْتَفِيًا بِعِشْقِهَا عن سائر النسوة؛ إذ هيَ لهُ كُلُّ الحَياةِ، وبدونِهَا جسدٌ بلا روحٍ، عقلٌ بلا فكرٍ، قلبٌ بلا نبضٍ، عينٌ بلا إبصارٍ، وعىٌ بلا بصيرةٍ، وهوَ لهَا الدنيا برحابَتِهَا واتِّسَاعِها . وزينَتِها، وفخْرِهَا، وسعادتِهَا، وفرحِها، هُوَ الآمالُ المُعَلَّقَةُ، والأحلَامُ المَوَفَّقَةُ، والأَشْوَاقُ المُرهَفَةُ،والقَرابَةُ الأكِيدةُ من أمِّهَا، وأمِّهِ أُخْتَانِ مُوَثَّقَةٌ. -فَلَكَمْ بَكَيْتُ مِنْ شِدَّةِ الإخلاصِ بالمحبةِ المُتَبادَلةِ بينهما زوجًا، وزوجَةً، ومِنْ شِدَّةِ الوفاءِ، والإثيارِ، والتضحيةِ حتىَٰ تَمَنَّيْتُ أنْ لوْ كنتُ عَايَنْتُ هَٰذهِ الفترةَ الرائعةَ الصادقةَ الجميلةَ بعيني رأسي، وشهدتُها بِكُلِّ جوارحِي، وَحِسِّي، لَٰكِنْ قدَّرَ اللهُ إيجادي، بخلقي بَعدَ هَٰذا العَصرِ . -لَٰكِنَّنِي سأختلفُ بصياغةِ تلكَ القِصَّةِ عَنِ الآخرينَ؛ حَيثُ سأتناولُها بأسلوبي الأدَبِىِّ المُتَخَلِّلِ بينَ فقراتِهِ أبياتٍ من شعريَ الخاصُّ بي قد نَظَمْتُها دُرُرًا تتلألؤ قُربًا، وَمَحبَّةً مِنِّي للرَّسولِ ﷺ ، ولآلَ بيتِهِ الأطهارَ، ولأصهارِهِ الأنقياءَ الأتقياءَ الأبرارَ؛ عَلَّهَا تَشْفَعُ لِىَ عِنْدَ النَّبِىِّ ﷺ بِحُبِّهِ وآلِهِ. نِدَاءٌ بِتَحذِيرٍ: إلىَٰ من يُحرِّمُ الحبَّ بجميعِ صورهِ، وأشكالهِ،ودروبهِ، وأنواعِه ؛ حتىٰ ولو كانَ عفيفًا، نقيًا، طَاهرا، ظَاهرًا للعَيَان، ذو هدفٍ، وغايةٍ ساميةٍ نبيلةٍ؛ فغايتُه تطبيقُ مرادِ اللهِ في الكونِ مِنْ تزاوجِ بإنكاحٍ، وإعلاءِ أفراحٍ، وذهابِ همومٍ بأتراحٍ، وتكثيرِ نسلِ المسلمينَ العابدينَ لربهمْ، الطائعينَ لرسلهمْ، المحبينَ لهُما، وفيهِما، وبِهمَا . -راجعوا أنفسَكُم فهَٰذا حُبٌّ من نوعٍ آخرَ ، نوعٌ لم تعهدوهْ، ولم تألفوهْ، ولم تسمعوا به قبلًا، ولم يأتِ بخاطرِكُم أبدًا، أو يستجلبُ انتباهَكُم دَوْمًا؛ فلم يسترعِ قبلَ ذَٰلك منكم هِمَمًا، ولم يستجدِ بكمْ وجدًا، ولم يستدعِ فيكم جَهدًا؛ ليسَ لأنَّه حُبٌ نقىٌّ، وَوِسامٍ شجىٌّ، ولكنْ بكونِهِ حُبٌ من بيتِ النُّبُوَّةِ، وبينَ زوجينِ لهُمَا من بعضِهما قرابةُ نسبٍ؛ حيثُ إنَّ كِلا الزوجينِ أبناءَ خالةٍ ، كما أنَّ هَٰذا الحُبَّ المتأصِّلَ بالقلبِ، والراسخَ بالوجدانِ، والباديَ بالعينانِ، وسائرَ الأركانِ عندَ الموافقةِ علىَٰ الزواجِ؛ فقد باركهُ النبيَّ العدنانَ ﷺ بالموافقةِ علَىَٰ طلبِ زوجتهِ السيدةِ خديجةِ بنتُ خُوَيلِدٍ - رضىَ اللهُ تعالىَٰ عنها - فهىَ خالتهُ، وله في نفسها منزلةٌ رفيعةً جداً، حيثُ تُقَدِّرُهُ، وتُعِزُّهُ ، وتَعطِفُ عليهِ؛ فهىَ خَالَتُهُ بمنزلةِ أُمِّهِ، -هَٰذا الشَابُّ الفتىُّ هُوَ : أبو العاصِ القاسمُ بنُ الربيعِ بنُ عبدِ العُزَّىَٰ بنُ عبدِ شمسٍ بنُ عبدِ منافٍ بنُ قُصَيٍّ بنُ كلابٍ بنُ مُرَّةٍ بنُ كعبٍ بنُ لؤيٍّ بنُ غالبٍ بنُ فِهرٍ بنُ مالكٍ بنُ النَّضْرِ بنُ كِنَانةَ، العبشَمِيِّ القرشيِّ الكنانيِّ. واسم أبي العاصِ: (القاسمُ) ، وقيلَ: (مُقَيسِم)، وقيلَ: (لُقَيطٌ) ، وقيلَ: (مِهْشَم) ، وقيل: (مُهَشِم) ، وقيلَ: (هُشَيم) ، وقيلَ: (ياسرٌ) ، وقيلَ: (الزبيرُ) وقالَ المرزبانيُّ: (اسمه القاسمُ وهو الثَبِتُ) . -هُوَ أنبلُ الفتيانِ ، وأنضرُ الشُّبَّانِ، وأشجعُ الفرسانِ، ذو القُوَّةِ، والأمينُ بأموالِ أثرياءِ أهلِ مكَّةَ بتجارتِه؛ فكانَ صاحبُ رحلتينِ إلىَٰ الشامِ، رحلةَ الشتاءِ، ورحلةَ الصيفِ، وكانتْ قافلتُهُ تضمُّ مئةً منَ الإبلِ، ومئتينِ منَ الرجالِ، منْ أضخمِ القوافلِ، وكلُّ رحلةٍ فيها مئةُ بعيرٍ عليها الأحمالُ، مع مئتي رجلٍ يَرعَونَ هذهِ الأحمالَ، فهَٰذا حجمُ تجارتِهِ، فأناسٌ كثيرونَ بمَكَّةَ كانوا يدفعونَ إليهِ بأموالهِمِ لِيَتْجَرَ بها، وَهَٰذهِ شركةُ المُضَارَبَةُ. - الفارِسُ ذو الحَسَبِ الأصيلِ ، والنَّسَبِ القويمِ، والغِنَىَٰ المالي العَمِيم، فضلًا عنْ شهامَتِه، وسماحَتِهِ، وَسُمُوِّ أخلاقِه، ونُبْلِ وجدِهِ، كُلُّ ذَٰلكَ جعلهُ مُدركًا للأصولِ والعاداتِ العريقةِ، العاداتِ التي ألِفَها أهلُ المُرُوأَةِ والعِفَّةِ، والكرامَةِ مِنْ دخولِ البيوتِ منْ أبوابِها، دونَ الاعتداءِ علىَٰ حُرُمَاتِ البيوتِ بتسَوِّرِ أسوارِهَا، وحوائِطِ أفنِيَتِها؛ فلسانُ حالِهِ للنبيِّ ﷺ قائلًا:أبُو الَقاسِمِ جِئْتُكَ بِبَابٍ مَا عَلَوْتُ بِالأَسْوَارِ. جِئْتُكَ رَاغِبًا بِنِكَاحٍ يَا سَيّدَ الأَمْصَارِ. أَطْلُبُ يَدَ البِكْر زَيْنَبًا أَجْمَلَ الأَحْرَارِ. هَلَّا أَسْعَدْتَنِي بِسَمَاعِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق