يَـا مُـزنـَـةَ الـرُّوحِ .. قَـد جَـفَّـتْ مَـنَـادِيـلِـي
ومَـا سَـفَـحـتُ سِـوَى زَيْـتِ الـقَـنَـادِيــلِ
فَـأَعـشَـبَ
الـبُـؤسُ فِـي جَـدبَـــاءَ
يَـابـِـسَــةٍ
فَـأَثـمَــرَ الـيَــأسُ مَـذبُــوحَ الـتَّـرَاتِــيــلِ
* * *
يَـا مُـزنـَـةَ
الــرُّوحِ .. يَـا
مُـخـضَــلَّـةً بَــرَدًا
يَـا
مَـسـبَـحَ الـنَّـفـسِ في
حَـرِّ الـتَّـهَـاوِيلِ
يَـا
لُـجَّـةَ الـنُّـورِ فِـي
أُفْـقِـي .. ومَـيْـضَـأَتِـي
ويَـا
صَــلاةَ مَـتـَـابـِي .. يَـا
تَـبَــاتِـيــلِـي
كَـيـفَ
الـبُـكَـاءُ يَـتِـيـمـًا مِّـنـكِ
يَـهْــزُزُنِــي
فَـيَـنـفُـضَ
الـهَـمَّ عَن رَّوْضِ
الـمَـوَاوِيــلِ
فَيَـنـبُـعَ
الـشِّـعـرُ في الـوَادِي
الـمُـقَـدَّسِ مِـن
زَيْــنِ
الـبـِقَـاعِ .. فَـيُـطـفِـي
غُـلَّـةَ الـنِّـيـلِ
فَـقَـطــرَةٌ
مِّـنـكِ - يَـا مُـزْنـَــاةُ
- تُـبــرِؤُنِـي
إنَّ
الـبُــكَــــاءَ دَوَاءٌ لِـلـمَــعَـــالِـيـــــلِ
* * *
لا
تـَهـزَئِـي يَـا ابـنَـةَ
الـوِجـدَانِ مِـن أَلَـمِـي
فَـإنـَّهَـــا
ثـَــورَةُ الأحـــزَانِ والــنَّــــدَمِ
عَـلَـى
سِـنِـيـنٍ خَـلَـتْ فـي
كَـهـفِ غَـانِـيَـةٍ
أَسلَـمـتُـهَـا
طَـائِـعـًا دِرعِـي..
وحُـرَّ دَمِـي
فَـأَسـكَـرَتْـنِـي ..
وأَعـمَـتْ أَعـيُـنِـي شَـغَـفـًا
ولَـمْ
أَزَلْ سَـادِرًا في
الـغَـيِّ .. لَـمْ أَقُــمِ
مَــرَّتْ
عَـلَـى جُـثـَّـتِـي الايـَّــامُ ، عَـاجِـلَــةً
فَـشَـابَ
مِـنِّـي شَـبَـابٌ شَـبَّ
في الـظُّـلَـمِ
الـعُـمــرَ
ضَــيَّـعـتُـــهُ .. والـنَّـفـسُ
لاهِـيَــةٌ
والـعَـقـلَ
غَـيَّـبـتُـهُ.. والـقَـلـبَ
في صَـمَـمِ
بـِـئـسَ
الـرَّزَايـَـا هَـوَى الـدُّنـيَـا ، وزِيـنَـتُـهَـا
شَــرُّ
الـبَـلايَـا ، عُـقُـوقُ
الـحَـقِّ والـقِـيَـمِ
* * *
أُمِّــي
تُـنَــادِي : هَــلُــمَّ الآنَ
يَـا وَلَــــدِي
إنـِّي
بـِشَـرْكِ الــرَّدَى مَـغـلُـولَـةُ الـقَـــدَمِ
أَقـبـِـلْ
ضَـنَـايَ .. ألاَ أَقـبـِـلْ ..
ومُــدَّ يَـــدًا
ألَـسـتُ
أُمَّـكَ يَـا ابْـنَ
الـنِّـيـلِ والـهَــرَمِ
أَلِـلـتُّــرَابِ
مَـصِـيـرِي .. والـعُــلاَ
سَـكَــنِــي
أَمْ
في ثـَرَى الـهُـونِ
تُـثـْوَى هَـامَـةُ الأُمَمِ
مَــا
لِـي أرَاكَ صَـمُـوتـًا .. ذاهِــلاً .. خَـرِعـًا
أَم
مَّـسَّكَ الـجِـنُّ فَاسـتَـسلَـمـتَ لِلـبَـكَـمِ
أَمْ
أنَّ في عَصرِكَ
الـمَـأْفُـونِ أَضحَى الـخَـنَـا
أمْـنـًا
مِّنَ الجِـبْتِ مِن
مُّستَحدَثِ الشِّّـيَـمِ ؟!
* * *
وأطـلَـقَــتْ
صَـرخَـــةً رَعـــدَاءَ هَـــازِمَـــةً
وأسْـلَـمَـتْ
لِلـرَّدَى الأجـفَـانَ فِـي
سَــأَمِ
صَـارَخْـتُـهَـا :
أُمَّـتَـا ، لا تـَعـجَـلِـي .. فَـأنـَا
أنـَا
ابـنُ بَـطـنِـكِ، مَـهـدِ
الـعِـزِّ والـشَّمَـمِ
لَـكِـنَّــهُ
جَـبَــرُوتُ الـجِـبـْـتِ سَـــاوَمَــنِــي
إمَّـا الـحَـيَـاةَ، وقُـوتَ
الـوِلْـدِ .. أو زَأَمِــي
فَـإنـَّـهُ
الــقُــوتُ - يَـا أُمَّـاهُ - أَسْـكَــنَـنِــي
حـتـَّى
بَـشَـمْـتُ مِـنَ الإذلاَلِ
مُـبـتَـشَـمِـي
دَهــرًا
طَـعَـمْـتُ عَـلَـى الـلَّـذَّاتِ .. سَـاغِـبَـةً
نَـفـسِـي، ومَـا
شَـبَـعَـتْ مِن كُـلِّ مُـلْـتـَهَـمِ
وأتـرَعَــتْـنِــي
بـِحَـانـَـاتِ الـحَـيَــاةِ هَـــوىً
لَـكِـنَّـمَـا
كُـلُّ كَــأسٍ كَــانَ
مَـــاءَ دَمِــي
* * *
والآنَ
ذَا أَسـتَـفِــيــقُ .. الآنَ
يـَـا أُمَّــتَـــــا
وقَد
نـَزَعـتُ لُـجَـامًـا كَـانَ
حَـشْـوَ فَـمِـي
فَـزَمِّـلِـيـنِـي
قَـلِـيـلاً .. لَـمْـلِـمِـي شَــعَــثِــي
وغَـسِّـلِـيـنِـي
بـِمَـاءِ الـعَـفــوِ مِن
شَــأَمِـي
وطَـهِّـرِيـنِــي
بـِمَــاءِ الــعَــيــنِ ..
إنَّ لَـــهُ
سِــرًّا
يُـكَـفـكِـفُ مَـا يَـسـخُـو
مِـنَ الأَلـَمِ
* * *
لَـكِـنَّــهُ
الـدَّمــعُ جَـافَـانِـي ..
وخَـاصَـمَـنِــي
لَـمَّــا
تـَجَــشَّـــمَ قَـلــبـِي بـِالأبَـــاطِـيـــلِ
حـتَّـى
تَـجَـلْـمَـدَتِ الـنَّـفـسُ الأثِـيـمَـةُ
مِـن
سُـقْـيَــا
الخَـطِـيـئـَـةِ فِـي حَـانِ
الـمَـرَاذِيــلِ
إنَّ
الـخَـطِـيـئَـةَ مَــا هِــي
حِـضـنُ غَـانِـيَــةٍ
فَــتَّـاكَــةِ
الـلَّـحـظِ والـنَّـهـدَيـنِ ..
زُغـلُــولِ
ولا
كُـئـُـوسُ هَــوىً .. بـالـخَـمـــرِ دَائِـــرَةٌ
عَــلَـى
مَـوَائِــــدِ أَذنـَـــابٍ تـَـنَـــابـِـيــــلِ
إنَّ
الخـطِـيـئَـةَ شُـغـْـلُ الـقَـلـبِ
عَـن وَطَــنٍ
جُـودٍ ..
سَـخَـاءً .. رَخًـا مِـن
كُـلِّ مَـبـذُولِ
دَهــرٍ
مِّـنَ الـنُّــورِ .. نـَـهــرٍ
بَـــازِغٍ أبـَــدًا
إرثٍ
مِّـنَ الحِـكـمَـةِ الـعَـصـمَـاءِ مَـوْصُـولِ
فَـسَـامِـحِيـنِي
دُمُـوعَ الـعَـيـنِ ..
وانـسَـكِـبـِـي
مَـا
عُـدتُّ أَعـقُــقُ لا
دِيـنـِي .. ولا نِـيـلِـي
وطَـهِّـرِيـنِي .. عَـسَـى الرَّحـمَـنُ
يَـنـفُـخُ فِـي
رُوحِي حَيَاةً .. سنًا .. في زَيْتِ قِنْدِيلِي
* * *
يَـا
مُـزْنـَةَ الــرُّوحِ .. يَـا
مُـخـضَــلَّـةً بَـــرَدًا
يَـا
مَـسـبَـحَ الـنَّـفـسِ في
حَــرِّ الـتَّـهَـاوِيـلِ
كَـيـفَ
الـبُـكَـاءُ يَـتِـيـمـًا مِّـنــكِ
يَـهْــزُزُنِــي
فَـيَـنـفُــضَ الـهَــمَّ عَـن رَّوْضِ الـمَـوَاوِيـلِ
فَيَـنـبُـعَ
الـشِّـعـرُ في الـوَادِي
الـمُـقَـدَّس مِـن
زَيْــنِ الـبـِـقَـاعِ .. فَـيُـطـفِـي غُـلَّـةَ الـنِّـيـلِ
...........
القصيدة من ديوان
(لما كان النور)، الصادر بالقاهرة عام 2011م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق