ضفافنا ملتقى لمبدعى ومثقفى وعلماء ونجوم كفرالزيات, ولا يدخلها إلا المثقفين

الأحد، مارس 07، 2021

مقاومة التغيير

 

مهندس/ محمد زكى بدر الدين أبن كفرالزيات

مقاومة التغيير هى طبيعة متأصلة فى جميع الكائنات الحية منذ بدء الخليقة، وإذا أخذنا الإنسان مثالا لوجدنا أن رفضه للتغيير ينبع من الخوف من تعلم أشياء جديدة والتدريب على إستخدام أدوات وتعلم مهارات تتطلبها عملية التغيير ، إن تاريخ البشرية زاخر بالأمثلة على مقاومة الإنسان للتغيير ، لقد كان الناس قديما يرفضون الإستحمام بصفة دورية ويعتقدون أن الماء بها براغيث ، وعندما دخل الترامواي لأول مرة فى العقد ألثانى من القرن الماضى ، كان الناس يخافون من شكله، وكانوا يصفونه بدولاب الشيطان . وعندما دخل التلفزيون لأول مرة فى منتصف القرن الماضى قال البعض أنه لن يستمر أكثر من شهور لأن الناس ستمل الجلوس امام ذلك الصندوق مدة طويلة. وعندما ظهر الاوتومبيل "السيارة" لأول مرة قال البعض انه بدعة بينما الحصان وجد ليستمر. وعندما دخل الهاتف فى أمريكا قال رئيس هيئة البربد البريطانية فى ذاك الوقت أنهم لن يحتاجوا الى الهاتف كالأمريكان حيث اننا نملك أعدادا كبيرة من سعاة البريد. وأذكر عندما أدخلنا نظام التفاعل الصوتي بشركة الاتصالات التى كنت اعمل بها، كان الهدف هو الرد على العملاء برسائل صوتية والطلب من العميل بالضغط على رقم ١ أو ٢ أو ٣ مثلا تبعا للخدمة المطلوبة، بدلا من الانتظار فى طابور خدمة العملاء للحصول على الخدمة، وكان رد الفعل هو رفض الكثير من العملاء استبدال التواصل المباشر مع مندوب خدمة العملاء بكميوتر يفتقد الى طبيعة التواصل الإنساني الذى اعتادوا عليه. والمثال الذى يعيشه العالم أجمع منذ أكثر من عام هو التعليم والعمل عن بعد نتيجة لما فرضته جائحة كورونا من تباعد إجتماعى ومنع التجمعات وفرض القيود الصحية فى التعامل المباشر بين البشر. إن هذا التغيير وبالذات التعليم عن بعد قد لاقى رفضا و مقاومة كبيرة من أغلبية الناس وخاصة الآباء والأمهات ، إن هذا الرفض يرتبط بشيئين هما، مقاومة الإنسان للتغيير، وطبيعته البشرية الاجتماعية التي يعد التواصل المباشر مع الآخرين فيها عاملاً فطرياً. لقد نجح العمل عن بعد بإستخدام الكمبيوتر والإنترنت وخاصة بين الشباب العامل فى الوظائف المختلفة نظرا لخبرتهم المتراكمة فى التعامل مع الكمبيوتر والإنترنت والالعاب الالكترونية ، أما بالنسبة للتعليم عن بعد فالمقاومة جاءت من جيل الآباء والأمهات الذين حصلوا على شهاداتهم العلمية بالطرق التقليدية والإحتكاك المباشر مع المعلمين داخل الفصول بالمدارس، وفى رأيى لو تركوا الأمر لأبنائهم سوف يتأقلمون ويمارسون التعليم عن بعد بصورة طبيعية كما يستخدمون الألعاب ووسائل التواصل الاجتماعى المختلفة من خلال هواتفهم المحمولة. وستمر السنين ليصبح التعليم والعمل عن بعد شيئا طبيعيا كما اصبح الهاتف والراديو والتلفزيون والسيارة من ضروريات الحياة لايمكن الاستغناء عنها. ولقد صدق الفيلسوف اليونانى هيراقطليس عندما قال "الثابت الوحيد فى الحياة هو التغيير المستمر"

ليست هناك تعليقات: