الشاعر والروائى الكبير الأستاذ/ محمد صالح
أنا الذي روض الوجع كثير
شلته فوق كتفي
وعبرت به شوارع
وأزقة
دار معي علي كل بيوت اصحابي
لعبنا معا كرة الشراب حافيين
أحرزنا أهدافا مشحونة بالعوز
وأمنيات أبعد من حدود الشوف
وآخر الليل كنت أجلسه الي جوارى
علي حصيرتي المرتقة
لنتسامر ،
كنت أحدثه عن أصدقائي الموثرين
فيتعجب ان هناك حيوات لا تشبه حياتنا .
ذات مرة بكي ، فكفكفت دمعه ،
فصارحني أنه يحلم أن يركب سيارة
لأنه مل ركوب قدميه .
وأن تدخل قدمه نعل
بدلا من التراب الذي يدخل في شقوقها .
مرة اصطحبته معي الي غيطان الفلاحين
ملأنا حجرينا بالفول الاخضر
وصيص البلح الرديئ
صعدنا جميزة ، وختنا طرحها النيّ
ورحنا نتناوب حراستها .
مرة قطّع لي جيب جلبابي
وسيالتي
وقال لي : انها وزن زائد ،
وأن امثالنا لابد وأن يكونوا خفافا
كنسمة ،
وسراعا كريح
وراضين كأولياء .
مرة رأوه يجلس الي جواري متربعا امام الدار
يلوك اغنية قديمة عن
تاجر ابتسمت له الحياة
ثم نكصت علي عقبيها
كان صديقا له لا يفارقه
كظله
يتقاسمان الضنك وأعقاب السجائر
يتقاسمان الحسرة
والحقد علي طوب الأرض
يرقصان معا فالس الفاقة
ويستمعان الي كونشيرتو
- حسنة قليلة .... –
وفي المقابر يبتسمان كلما رزق أحدهما
بقرص الرحمة ،
او منحته عجوز قرش صاغ .
وفي أوج حكمته
كان يسر لي : بأن كل شيئ
يعاند الفقير
طريقه ،
رزقه ،
حلمه ،
حتي قبة السماء الزرقاء .
لم يكن معي غير سيجارة وحيدة
وعود ثقاب ،
لم يكن ورائي غير جدار من ريح ،
ولم يكن أمامي غير ظل شاحب ،
ومسافة تكفي بالكاد وردة
لتمارس أفولها .
هناك تعليق واحد:
جميل ورائع
إرسال تعليق