ضفافنا ملتقى لمبدعى ومثقفى وعلماء ونجوم كفرالزيات, ولا يدخلها إلا المثقفين

الجمعة، أكتوبر 29، 2021

مغاليقُ الخيرِ ما أكثرُهُم، بينَنَا، وَحَولنَا! .. بِقَلَمِ /حُسَامُ أَبُو صَالِحَةٍ. ابن شبشير الحصة. طنطا

الشاعر الأديب / حسام أبو صالحة
ليسانس آداب وتربية - كلية التربية - قسم دراسات إسلامية- جامعة الأزهر رئيس قسم الدراسات العليا والعلاقات الثقافية بكلية الهندسة جامعة طنطا. ابن شبشير الحصة. طنطا

كم من كلمةٍ في غير وزنِها وموضِعها،وسياقها قِيلت بسوءِ نيَّةٍ أحدثَتْ بينَ مُتآلفينِ ، أو متحابينِ في اللهِ ، أو صديقينِ ، أو أخوينِ ، أو جارينِ قطيعةً، وبينًا، بل باءَتْ بسببها فجيعةً، وألمًا، شديدًا ليس هيِّنًا، أعظمَ ممَّا تُحدثه النارُ في الهشيمِ

فينبغي للعبدِ ألاَّ يُطلِق العنانَ للسانهِ، ولا ينقلُ الكلامَ بمجرَّدِ سماعهِ،وألا يحملَ الكلامَ على مَحمَلِ السوءِ، والوقيعَةِ بينَ الناسِ؛ إذ كما تَدينُ تُدَانُ، وبالكيلِ الذي تكيلُ بهِ تُكتَالُ، وعلى مَن بَلَغَهُ كلامًا منْ أحدٍ، ورأى منْ المصلحةِ أنْ يتفاهَمَ، ويتحاوَرَ، ويستبينَ مع ذلكَ الشخصِ المنقولِ عنهُ الكلامَ فليفعلْ، فلربَّما كانَ ذلكَ سببًا في إزالةِ الوَحشَةِ، وتصحيحِ الأخطاءِ ، والإبقاءِ علىٰ المودَّةِ ، والتعاونِ والتلاحمِ، كما أرشدنا لذلك دِينُنا الحنيفُ.

قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) الحجرات.
-فمغاليقُ الخيرِ، ومفاتيحُ الشرِّ ما أكثرُهُم، بينَنَا، وحولنَا!
لا يُرجى منهم نَفعًا، ولا تقولُ شفاهُهُم حُسْنًا، ولا تتلفظُ ألسنتُهُم معروفًا، قد بدتْ البغضاءُ من أفواهِهِم، وما تُخفي صدورُهُم أكبرُ، يسعونَ بينَ الناسِ بالوقيعةِ ، وإفسادِ ذاتِ البَيْنِ ؛ فالأمرُ جَدٌّ عظيمٌ، وخطَرُ اللسانِ جسيمٌ، فلا بُدَّ من حِفظهِ عمَّا يُضِرُّ، واستعمالهِ فيما ينفعُ.
قال صلَّى الله عليه وسلَّم -: (كل كلام ابن آدم عليه لا له، إلَّا أمرٌ بمعروفٍ أو نهْي عن منكرٍ، أو ذكر الله).
وقال أيضًا : (مَن يَضمَنُ لي ما بين لحيَيْه وما بين رِجليه أضمَن له الجنَّة).
-ودِينُنا حثَّ على التآلُف والتآخِي، ونهىٰ عن التقاطعِ والتدابرِ، والعبدُ قد يُخرِج الكلمةَ لا يُلقِي لها بالًا تزلُّ بها قدمَه، وما يدري أنَّ ما قالَ محصًا عليه.
يقول - جلَّ وعلا -: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].

وعن معاذِ بن جبلٍ - رضِي الله عنه - قالَ : كنتُ معَ النبيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - في سفرٍ، فأصبحتُ يومًا قريبًا منهُ ونحنُ نسيرُ ، فقلت.ُ : يا رسولَ اللهِ، أخبرني بعملٍ يُدخلني الجنةَ ويُباعِدني من النارِ ، قالَ : ((لقد سألتَ عن عظيمٍ، وإنَّه ليسيرٌ على مَن يسَّرَه اللهُ عليهِ: تعبُدُ اللهَ ولا تُشرِكُ بهِ شيئًا، وتُقيمُ الصلاةَ وتُؤتي الزكاة ، وتصومُ رمضان ، وتحجُّ البيتَ،........... ثمَّ قالَ : ((ألا أُخبِركَ بملاكِ ذلكَ كُلِّهِ؟))، قلتُ : بلىٰ يا رسولَ اللهِ ، قالَ : ((كُفَّ عليكَ هذا))، وأشار إلى لسانهِ، قلتُ: يا نبيَّ اللهِ، وإنَّا لمؤاخَذونَ بما نتكلَّمُ بهِ؟ قالَ: ((ثَكِلتكَ أمُّكَ، وهل يكبُّ الناسَ في النارِ على وُجوهِهِم - أو قالَ: علىٰ مناخِرهم - إلا حَصائدُ ألسنتِهِم)).

-وإياكُم، وسوءُ الظنِّ بالآخرينَ فما أقبحَ ظنَّ السوءِ!، وما أجمل الإحسانَ ولو بحيوانٍ! - أعزَّكم الله تعالى، وأكرمَكُم-؛ فما وُضِعَ الإحسانُ في شيء إلا زانَهُ، وما نُزِعَ من شيء إلا شانَهُ فعن شدَّاد بن أوسٍ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: ثنتانِ حفظتُهما عن رسولِ اللهِ - صلىٰ اللهُ عليهِ وسلمَ -قالَ : (إنَّ اللهَ كتبَ الإحْسَانَ علىٰ كلِّ شيءٍ، فإذا قَتَلتُم فأحسِنُوا القِتْلَة، وإذا ذَبَحتُم فأحسِنوا الذَّبْحَ، وليُحِدَّ أحدُكُم شَفْرَتَه، فليُرح ذبيحتَه) .

-ومَعَ بالغِ الأسفِ، وعظيمِ الأسيٰ، وعميقِ الخَجَلِ يُقدِم البعضُ على الكلامِ بمجرَّد الظنِّ، واللهُ - سبحانَه وتعالىٰ - يقولُ : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾ [الحجرات: 12].
ويقولُ نبيُّنا - صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهِ -: ((إيَّاكم والظنَّ؛ فإنَّ الظنَّ أكذبُ الحديثِ، ولا تحسَّسُوا، ولا تجسَّسُوا، ولا تحاسَدوا، ولا تدابَروا، ولا تباغَضُوا، وكُونُوا عباد الله إخوانًا)).
-ليتَنَا نفيقُ من غفلتِنَا، ونصحوا من غَفوتِنَا، وننهضُ من عثْرَتِنَا، ونستقيمُ من كَبوَتِنَا فنتركُ سوءَ الظنِّ بالابتعادِ عن نافخي الكِيرِ ممنْ لا نجدُ منهُم إلا ريحًا خَبيثَةً فضلًا عنْ حَرقِهِم ثِيابِنَا، ونقولُ خيرًا، أو نَصمُتُ، ونأمرُ بمعروفٍ، ونُصلِحُ ذاتَ بينِنَا ونطردُ شياطِينَ الإِنسِ من بينِنَا، وحَولِنا لنعتصمَ بحولِ الله تعالى وقدرَتهِ فتنعمُ دُنيانَا ونفوزُ بِأُخْرَانَا هَدانِي الله تعالى وإيَّاكُم لكُلِّ خَيرٍ، وصَرَفَني، وإيَّاكُم عن كُلِّ سوءٍ، ومَكروهٍ، وشَرٍّ.

ليست هناك تعليقات: