ضفافنا ملتقى لمبدعى ومثقفى وعلماء ونجوم كفرالزيات, ولا يدخلها إلا المثقفين

السبت، أبريل 15، 2023

فضاء النقد الشعر يهمس بالندى في " همس الندى " للشاعرة نادية زكي ابنه كفر الزيات .. بقلم الشاعر والناقد الكبير د/ وحيد زايد ابن مدينه طنطا الشقيقه


الشاعره ناديه زكى
الشعر لغة العاطفة ووسيلة التعبير عن الوجدان، وهو الرسول الذي يملك إثارة الحس ويحيي عوامل اليقظة في النفوس، ولقد كان الشعر ولايزال سلاحا مؤثرا وإشعاعا مضيئا يجلي الحقائق ويبرزالمعالم بالتلاحم بين الفكرةالناصعة والأحاسيس الرفيعة والوجدان

د/ وحيد زايد
النابض الفعال، ولقد كان ولايزال للشعر الرصين الموحي دولته التي زهت راياتها بالدرر الخالدة وحملت للأدب العربي أروع الذخائر الفنبة المبدعة والمعاني الإنسانية النافعة، والقيم السامية، والفضائل المثلى، والحق المنير .
والديوان الذي بين ايدينا يحمل بين طياته أمارات الالتزام بأصالة الكلمة، وحلو المعنى وإيحاءات العبارة وإثراء العاطفة وجمال الحس، من خلال قصائد موحية ومعاني رفيعة وتصوير فني صافي ولغة حية نابضة وهدف سامي نبيل، ودعوة راقية للحب .

( العتبات النديّة )
سيميائية الغلاف : لكل قصر باب ولكل باب عتبة وعتبة ديواننا (همس الندى) عتبة نديّة مهيبة، وقع أقدام من يطأها خفيض هامس، وفوق العتبة باب مزدان بغلاف ملوّن، ازرق حاني ومحتوى مبيّن أحمر قاني، لو حلّلته سيميائيا لوجدتها تتماهى مع الإيوان أو الديوان، واللون الأزرق غالب على الغلاف يظلل الثلثين الأعلى والأسفل ويمثل تلك الاجواء الليلية حاضنة الندى الذي يتكثف من قطرات بخار الماء في الطبقات الباردة ويسقط ليلا على الأزهار والثمار والأشجار فيجعلها رطبة ندية كأنها اغتسلت بمياه الطهر الربانية، وبين الثلثين الأزرقين _ العلوي والسفلي _ يقع الثلث الأوسط، كنافذة مفتوحة، تضيء بنور القمر الذي يبدو شامخا جاذبا لبعض الطيور المرحة ومطلا على لوحة فنية ساحرة تتضافر فيها الطبيعة من تلال وأشجار على ضفاف نهر جاري كأنه النيل يحمل قاربا صغيرا وتتصدر اللوحة فتاة تحمل كتاباً او رسالة وتقف على ضفّة النهر القريبة، كل ذلك في ساعة غروب رائغة يُنبي عنها شفق الغروب الأحمر الذي يشتعل اكثر ليكتب عنوان الديوان (همس الندى) بينما يمتد نور القمر الأبيض ليكتب إسم المؤلِّف الشاعرة ( نادية زكي ) وجنس الديوان (شعر) - وإن لم يتحدد نوعه (فصحى) - لتكتمل الرومانسية لديوان تشكل العاطفة قلبه ولسانه .
سيميائية العنوان : (همس الندى) عنوان يمثل العبارة المفتاحية لتجربة الشاعرة نادية زكي والعنوان مركب إضافي مكون من لفظتين

(همس) وهي إسم ومصدر للفعل(همَسَ) وقد جاءت نكرة للدلالة على جنس الهمس وإطلاق المعنى وقد أضيفت للفظ (الندى) وهي إسم أيضا لكنها معرّفة بالألف واللام، فصارت كلمة همس معرّفة بالإضافة ومرتبطة بالنّدى واكتسبت ماهيتها وهويتها وجمالها .
والهمس لغةً : الصوت المنخفض أو الخفي من الكلام، ولها معاني أخر، ( وسوسة - عصر- كسر- مشي بلا صوت- سار ليلا ) وقد وردت بالقرآن بالمعنى الأول في قول الله عز وجل ( يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له، وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا)
و(الندى) : الطلّ أو البلل الذي يبدو على الازهار صباحا، وله معاني أُخر، فقد يعني الجود - الكرم - المطر - الخير .
والشاعر العراقي علي الكعيدي جمع كلمتي العنوان في مطلعِه (سمعت همس العشب في أذُن الندى، ولمحت نجم الصبح أشرق فرقَدا) .
والعنوان بذلك (همْس الندى) يكوّن جملة إسمية، وهو إما مبتدأ لخبر محذوف أوخبر لمبتدأ محذوف) والحذف هنا يثري المعنى ويبعث آفاق التخمين فيقوّي المعنى،
وقد جاءت على الغلاف مشكولة بالسّكون (همْس) وكنت أفضّل ألّا يتم تشكيل العنوان لفتح الباب أمام المزيد من القراءات والإيحاءات، فحذف السكون يجعل من الممكن قراءتها (همَسَ) فتكون جملة فعلية، همَسَ النّدى، ويكون السؤال الشيق، بماذا همس؟
سيميائية إسم الشاعرة : من التوافقات الجميلة في الديوان والمشتركات بين عنوانه واسم شاعرته - والتي تبدو كالنكتة القدرية - أن كلاهما ملتصق بالنّدى ويحمل معناه (ندى، نادية) فنادية إسم فاعل من ندى، بل إن لقب الشاعرة (زكي) كذلك يحمل روح الندى بالالتقاء في معناه (زكي = كريم، الندى = الكرم) وبذا، فالشاعرة نادية حازت الندى من أطرافه، فأصبحت نادية، خيّرة، كريمة، كديوانها الذي يحمل نفس المعاني بعاطفة محبّة جياشة، وإحساس رقراق لطيف .
الإهداء الجوهرة : الإهداء يمثل نصاً موازياً بجانب نصوص الكتاب ومفتاح تمهيدي له يتصدر في المقدّمة ويعدّ بذلك عتبة للنصوص ومدخلا إليها ينسجم مع الديوان في عمومه ويمثل بطاقة شخصية ذاتية خاصة بالكاتب وإن دلت على طريقة تفكيرة يهديها لمن يشاء (أشخاص - مهمشين - أعزاء - شخصية اعتبارية ...) والإهداء يوضح شعور الكاتب الإيجابي أو صلته الوطيدة بمن أهدى لهم كلماته .
والشاعرة في ديوان (همس الندى) تجيد الإهداء ولا تقدم الهديّة إلا لمن يقدّر قيمتها فهديّتها جوهرة، (الكلمة)، فتُوجِّه الإهداء (إلى من يُقدّرون الكلمة) وما أدراك ما الكلمة، فهي كما وصفتها الشاعرة، بلسم للجروح وإكسير الروح، وهي حياة أو موت وصدق أو نفاق، وهي كما وصفها الشاعر عبد الرحمن الشرقاوي متسائلا ( أتدري ما معنى الكلمة! / مفتاح الجنة في كلمة / دخول النار على كلمة / وقضاء الله هو الكلمة / الكلمة لا تعرف حرمة / زاد مزخور ) .
فالشاعرة تقدر الكلمة وتحتفي بمن يقدّرها وتعرف أهميّتها وخطورتها فهي عندها مسألة حياة أو موت، بل وأضيف، نعيم وجحيم، والحديث الشريف الجليل (إنّ الرجل ليتكلّم بالكلمة من رضوان الله .......... يكتب الله له بها رضوانه إلى يومِ يلقاه ، وإن الرجل ليتكلّم بالكلمة من سخط الله ......... يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه) وحديثه صلى الله عليه وسلم ( ........ وهل يكبّ الناس على وجوههم في النّار إلا حصائد ألسنتهم)، فنِعْم الشاعرة من تُقدّر الكلمة وتشعر بمسئوليتها وخطورتها .
( الديوان )
الشعر يهمس بالندى : صدر للشاعرة نادية زكي ديوانان : الأول عامي (دعوة للحب) والثاني (همس الندى) شعر فصحى، وهو الديوان الماثل بين ايدينا الآن والذي عليه تقتصر قراءتنا .
الشاعرة محِبّةٌ عاطفية، وهي داعية صاحبة رسالة إسمها (الحب) لا تدعو له فقط بل تؤمن به وتقدسه، وصاحبة مشاعر جياشة، يظهر هيمنة جقل العاطفة على تجربتها منثورا في شتى قصائدها بالديوان، بداية من رومانسية العنوان (همس الندى) مرورا بعناوين قصائده ومضمونها بل، وينسحب ذلك أيضا على شخصية الشاعرة واختياراتها، فديوانها الأول ينطق بذلك صراحة (دعوة للحب)، وفي ديواننا همس النّدى محل القراءة أيضا جاء المُفتَتح بقصيدة (حديث الحب) :
آهٍ من قولٍ منطقُه / عذبٌ عن حبِّ ترسمُهُ // وحديثُ الحبِّ له وترٌ / وأشكُّ بأنّك تعلمُهُ
وتتوالى العناوين ( مازلت أهواك) (أحبك أنت) (يامالك الروح) (السلطانة) (لهيب الشوق) (تكلم) (عيناك) .
ولا أدل على أن الحب ثيمة وتميمة ملازمة للشاعرة كالعطر يفوح بالشذا ليصنع فضاءً مفعماً بالمحبة - لاأدل على ذلك - من الإكثار من الألفاظ الدالة على الحب مثل لفظة (الحب) ذاتها، ومشتقاتها من معاني التوتر العاطفي أمثال : (العشق - الغرام الهوى - الوجد - الهيام) التي وردت في الديوان حوالي مئة مرة .
لكن الشاعرة تسبح في بحار الحب الطاهر الصادق وترفض المراوغة والغدر والكذب فهي تعتد بنفسها بعزة وكبرياء، نلمس ذلك في أبياتها :
قد كان جفاؤكَ غدّارا / وعهودُكَ في الحبِّ حَيارَى
ولقد أقسمتُ على قلبي / ألّا يتعشَّقَ جبّارا (حديث الحب)
وهي، واقعية لا تنجرف وراء الخيال الوهمي، ولا تقتات غزليات ليلى ولبنى في حياة غلبت عليها المادة واصبح المال شعارها والحب فيها الضحية، رغم أنها تحمل قلبا ينبض بالحب والأحلام الشجيّة، وتحمل حبّها في قلبها، وتعده أسمى هدية من السماء، كل ذلك في قصيدة رائعة فيها إيهام التناقض الذي لم يعدُ أن يكون مونولوج داخلي بين العقل والعاطفة كما يبدو :
لستُ ليلى العامريّة / لستُ لُبنى أو بهيّة ....
إنّ قلبي فيهِ نبضٌ / فيه أحلامٌ شجيّة ....
إنما نحن حبيبي / في الحياة الواقعيّة ....
عصرُنا الإنسانُ فيهِ / آلةٌ دونَ الهويّة
عصرُ مالٍ ثمّ مالٍ / والهوَى فيه الضحيّة ....
أنتَ حقاً يا حبيبي / في فؤادي والطويّة
أنتَ في عَينيّ بدرٌ / أنتَ لي أسْمى هديّة
وللشاعرة قصيدة أعدُّها مفتاح الشاعرية لديها اجتمع فيها جمال المعاني مع انسيابية البحر وعذوبة القافية بل وحسن التوجه تمتدح فيها رفيق الدرب ومحبوب الحياة ومفجر أزهارها وراعيها الذي ملك قلبها وأشواقها، زينة الرجال خُلُقا ونبعاً :
كلُّ المكارمِ في رِحابِكَ أشرِعَة / يا مالِكاً قلبي وأشواقي معَه
شِيَمُ الرجالِ علَت وفيكَ تلألأت / يا صاحبَ الخلُقِ الرفيعِ ومنبعَه ....
فبحارُ عشقِكَ مَوجُها لا ينتهي / فيها نُرَى غَرقَى ولا لن نمنعَه
ويمتد انتماء الشاعرة الأسري بعاطفته الجياشة على محور رأسي يصعد للأعلى لأفُق الأم الغائبة في قصيدة حزينة (في الجنة عيدُكِ) حين تفتقدها في أسعد لحظات العيد فيتوه العيد عن دارها آخذا معه السعادة والفرحة :
قد كان عيدُكِ بالزُّهورِ الزّاهيَة / واليوم جاءَ مُقطِّعاً أحشائيَه
العيدُ أصبحَ تائهاً عن دارِنا / وفراقُ أمّي نارهُ بي حاميَة
ويهبط على نفس المحور ليطال زهرتها، إبنتها التي أسمتها ( السلطانة ) في عنوان يشي بمكانتها عندها وقصيدة تقطر رقة ومحبة وأبيات حكمة وتعد من أبهى قصائد الديوان :
هلّت عليَّ نسائمُ الأغصانِ / هامتْ بنا في رِقَّةٍ وحنانِ
مَن لي سِواها زهرة في رَوضتي / تهَبُ الفُؤادَ ربيعَ عُمرٍ ثاني ....
وسلِ النسيمَ إذا تراقصَ شَعرُها / نثرَ ابتهاج الفلِّ والريحانِ ....
قد كان في ميلادِها بُشرى لنا / بعض الإناثِ أحنُّ مِن صبيان ....
سيظلّ يشرقُ بالحنانِ عطاؤُنا / مَن في الدُّنا يُعطي كما الأبَوانِ
وعنقود الحب عند الشاعرة لا تقتصر حباته على العاطفة الرومانسية والأسرية بل يمتد لأعلى أفق حيث الرحاب النبوية والقدسية بمدح أنوار الرسول صلى الله عليه وسلم بقصيدة (أنوارهُ) ومناجاة الخالق العظيم بدعاء( يارب) :
يارب إني قد دعوتك راجياً / تمحو الذنوبَ فإنّني خَطَّاءُ ....
يا من بنورِكَ أهتَدي وسْط الدُّجَى / إنَّ الهدايةَ مِن ضِياكَ ضياءُ ....
يا من بذكرِكَ نخلةٌ تتمايلُ / والنجمُ والأشجارُ والأصداءُ
والشاعرة المحبة التي تعيش واقع بلادها وأزماتها، وطنية، تنشر مظلة الحب على طائفة من أبناء وطنها تشعر نحوهم بالامتنان لما قدموه من جهدهم وأرواحهم كجيش وطني نبيل وقف في سبيل الدفاع عن الوطن وابنائه أمام أقوى عدو غزانا في هذا القرن ألا وهو كورونا فأحسَنوا وأجادُوا، فمدحَتهُم بقصيدتها (الجيش الأبيض) :
صرحُ البطولةِ قد غدَا / بفِعالِكُم متفرِّدَا // صدَقوا العُهودَ وقدَموا / أرواحَهم أزكى فِدَا
ترَكُوا البُيوتَ ليقتلوا / كوفيدُ باتَ مُعرْبِدا // أُهْدِي السّلامَ تحيَّةً / يا مَن أضأتُم معبدَا
ولدراسة علاقة الذات الشاعرة بالحياة وما استهواها لتشكيل تجاربها الشعرية نشير إلى ما قام به الدكتور " جميل حمداوي " تحت عنوان دراسة الأهواء دراسة معجمية دلالية من خلال مقاطع النص واسستقراء شكل المضمون بنيوياً وسيميائياً فيما يسميه "كريماص" و "فونتاني" بالبعد العاطفي، وبالنظر في الديوان ( عناوينه وقصائده ومناسباتها ومضمونها ومعجميّتها ودلالاتها )، يمكن تصنيف الاستهواء
في ديوان همس الندى لعدة أنماط :
الاستهواء العاطفي الرومانسي، وهو الغالب على تجارب الشاعرة (حوالي نصف قصائد الديوان البالغة عشرين قصيدة) كما سيظهر لاحقا
الاستهواء الوفائي والأسري، متمثلا في مدح وتقدير الفائقين المؤثرين في حياتها كالأم (في الجنة عيدك) والزوج (يامالك الروح) والإبنة (السلطانة)
الاستهواء الإعجابي، متمثلا في الإعجاب بالأطباء (الجيش الأبيض) وهم أبناء الوطن المخلصين تقديرا لدورهم البارز في جائحة كوفيد
الاستهواء الروحي، متمثلا في الارتقاءات العلوية بالدعاء والمناجاة لله عز وجل (يارب) ومدح الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (أنواره) والغيرة على شعائر الإسلام (ضيف حزين)
وكلها كما نرى (دوائر موجِيّة) تبدأ من الذاتي العاطفي فالاجتماعي فالوطني فالديني، تشي بانتماءات الشاعرة المتوازنة ودوائرها المفضلة .
سباحة في بحور الندى :
همست الشاعرة بالندى فجاءت ب ( 13 تجربة شعرية ) في قوالب " عَروضيّة تامة " ( بنسبة 65% )
بينما جاءت ب ( 7 تجارب ) في قوالب " مجزوءة " ( بنسبة 35% )
وصبَّت هذه القصائد في ( 7 ) أبحُر سيّارة هي :
الكامل متفاعلن ( 9 قصائد - بنسبة 45% ) في عدد 131 بيتا (70 % من الأبيات )
الوافر مفاعلتن ( 5 قصائد - بنسبة 25% ) في 68 بيتا
الرمل فاعلاتن ( تجربتان - بنسبة 10% ) في 30 بيتا
المتقارب فعولن ( تجربتان - بنسبة 10% ) في 26 بيتا
المتدارك فاعلن ( تجربتان بنسبة 10% ) في 29 بيتا - بمجموع 284 بيتا في الديوان
وكلها قوالب عروضية جميلة ذات موسيقى راقصة مناسبة للأغراض والحالة العاطفية الوجدانية للشاعرة، وأبيات القصائد يتراوح عددها بين حوالي 10 إلى 18 بيتا في القصيدة في حديها الأدنى والأعلى، وهو أمر مناسب لطبيعة المتلقي الحديث الذي يعيش عصر السرعة والاختصار، ويناسب كذلك النفس القصير الرقيق للشاعرة مع الميل للبحور الصافية موحدة التفعيلة بما يعكس صفاءً وأصولية .
والجميل أن رويّ حروف الهمس في (همس الندى) ذيّل 10 قصائد أي نصف الديوان تماما في رمزية تجعل الهمس حقيقة لا عنوانا فقط، بينما جاء الروي المقيد في 6 قصائد من قصائد الديوان العشرين وهي نسبة لا بأس بها تدل على قدرة الشاعرة على ضبط وتقييد أهاتها وانفعالاتها .
خلاصة الندى :
الشاعرة تجربتها صادقة، تقدس الحب وتعشق الحياة بل وتدعو للحب وتجعله رسالتها، ولأنها تتميز بفطرة نقية تحب بإخلاص وصفاء وتكره كل ما يفسده، فهي تكره الغدر والخداع والمراوغة ولا تقبلهم بحال بل وتقف لهم وقفة حازمة يعلوها الاعتداد بالنفس وأحيانا الكبرياء الحادة، لكن عاطفتها متزنة وتوجهاتها منتمية .
والشاعرة أصولية الهوى مُحبّةَ للبحور الخليلية عموديّة القالب ذات المِصراعين، والقافية مُوحَّدة إلا ما ندر، وهي بليغة المعاني تصل لها بسهولة، متمكنة من أدواتها الشعرية، معظم تراكيبها سليمة نحويا وعروضيا تمتاز بانسياب الأبيات وجمال الأسلوب ورشاقة الألفاظ وعذوبة الموسيقى وامتياز العبارة بالتأثير .
تهتم بحسن الاستهلال والختام، تجيد رسم الكناية والمجاز، لكنها تكثر من التقديم والتأخير، أحيانا بصورة مفتعلة لاجتلاب القافية بلا دواعي بلاغية، كما أنها تكثر من التكرار في بعض المواضع كعادة أهل التدريس، ربما تأثرا بمهنتها فهي مدرسة للخط العربى، ولم يقتصر التأثر المهني على ذلك فالشاعرة تبتعد عن التراكيب المعقدة والعلاقات البلاغية المتشابكة وهو الأمر الذي يناسب المتلقّي والطالب، فلغتها واضحة ميسرة وإن كانت تتجه أحيانا نحو المباشرة أو المعاني المتداولة .
وإذا كان هذا هو الديوان الأول للشاعرة - الاستاذة نادية زكي - وقد أتى على هذا المستوى من الجودة فأنا أتوقع للشاعرة مستقبل باهر مع تجارب جديدة وجودة أفضل تدفعها للوقوف في بؤرة دائرة الضوء كواحدة من أفضل شعرائنا وشاعراتنا بإذن الله، والله ولي التوفيق .

 ( ألقيت هذه الدراسة في مقر النقابة الفرعية لاتحاد كتاب الغربية بطنطا مساء الأحد ١٩ فبراير ٢٠٢٣ م )

ليست هناك تعليقات: