فى ذكراه
الأستاذ / إبراهيم عبد المعطى حماد رحمه الله |
رحل صديقى الأستاذ ابراهيم عبد المعطى حماد ، ولم يرحل يوما حتى بعد وفاته ؛ فهو فى عقلى وفى قلبى .. صورته - دائما - فى ذاكرتى .. أتألم لفراقه ؟ نعم .. أشتاق إليه ، حقا .. لا أنساه ، ولا أنسى ذكرياته معى .. أحاول قدر الإمكان أن أكون له وفيا .. أدعو له فى كل وقت وبعد كل صلاة .. ( اللهم اغفر له ، وارحمه ، واعف عنه ).
رحم الله تلك الروح التى تركت لى ولغيرى ذكريات رائعة جميلة .. رحم الله تلكم الأيام التى كانت تجمعنا ، والليالى التى كانت شاهدة على علاقة محبة خالصة ، صادقة ..
الحب الحقيقى يبقى ويستمر حتى بعد الرحيل ، والسفر الطويل الذى لا عودة منه ، ولا لقاء بعده إلا فى الآخرة دار القرار .
كُـنا سويا عنده أو عندى .. وكثيرا ما كنا نتناقش فى موضوعات شتى ، نتفق أحيانا ، وأحيانا أخرى نختلف ، واختلافنا لايُـفسد للود قضية .. ومع ذلك كانت أفكارنا إلى حد ما متطابقة أو متقاربة ، وكلماتنا - أيضا - متشابهة ..
كُـنا نمشى مسافات طويلة ، ولانشعر بالملل أو التعب .. دعونى أحكى لكم بعض المواقف التى أتذكرها فأبتسم ضاحكا .. فى بداية معرفتنا تفضل بزيارتى فى بيتى ، رحبتُ به ، وقدمت له ما يقدم للضيف تعبيرا عن تقديرى له ، وترحيبى به ؛ فقال : لاداعى لهذه الطقوس .. يكفىنى الجلوس معك .. مرت الأيام وشرفنى بزيارته مرة أخرى ، تأخرت قليلا فى تقديم الواجب ؛ فقال لى : بعد إذنك أريد كوبا من الشاى ؛ فأجبته : يا أخى لاداعى لتلكم الطقوس !! فضحك ، وقال : انت لسه فاكر ؟!
ماكنتُ أظن يوما يا صديقى أننى سأكتب عن هذه الذكريات ، وعن شهامتك ، ووقوفك مع أصحابك وزملائك ، وسعيك الجاد المخلص لمساعدتهم ، والتخفيف عنهم حتى وأنت فى أصعب الظروف .. لايمكن أن أنسى يوم أن كنت طالبا ، وقد أعطيت ابن أخى محمد الشيخ سالم - حين كان يدرس فى المعهد الابتدائى الأزهرى - أعطيته الجنيه اليتيم الذى كان معك فى ذلك الوقت !!
كنت تحاول ادخال السرور على الصغار ، وتلاطفهم ببساطتك وعفويتك .
وعندما اقترب منه أحد الأطفال بعد أن جرى زميله الذى كان معه - وكنت معك - وسأله وهو يشعر بخوف ورهبة : انت ظابط يا عمو ؟ ! فرد عليه : ما تخفش ياحبيبى أنا مش ضابط !! أنا عمك ابراهيم ، ومنحه قُبلة على رأسه ، وأعطاه قطعة حلوى كانت معه !! كان الأستاذ ابراهيم حماد صاحب شخصية قوية تمتلك القدرة على التواصل مع الآخرين من مختلف الأعمار ، والثقافات ..
كان - رحمه الله - صاحب صوت جميل فى الأذان ، وفى القرآن .. كان يحب الآذان ، وكان الناس يطالبونه بالمواظبة عليه فهو على حد قولهم يمتلك صوتا قويا ، مريحا ، ومؤثرا .. يحرك القلوب وأحيانا يبكى العيون وكان يقرأ القرآن بصوت الشيخ الطبلاوى - رحمه الله - ( كأنه هو ) .
عمل الأستاذ ابراهيم حماد مراسلا،وكاتبا ببعض الصحف والمجلات ، وكان يكتب مقالا بصفة شبه دائمة فى جريدة ( الرأى للشعب ) التى كان يرأس تحريرها صديقه المحترم الكاتب الصحفى الأستاذ محمود حبسة - رحمه الله - ............
ومن قبل ومن بعد كان يعمل محاميا حتى فاضت روحه إلى بارئها فى الثامن والعشرين من شهر يونيو 2020 بعد معاناة وصراع مع المرض لفترة وجيــزة .. رحل عن الحياة وترك لنا أعظم الذكريات ، وترك لزوجته ، وأولاده ، وأهله ، وكل محبيه ما يفخرون به .. فارق الدنيا تاركا سيرة طيبة ، وذكرى عطرة .. عرفناه متواضعا ، قنوعا ، مبتسما مهما كانت قسوة الحياة .. ( وغدا سيذكرك الزمان ولم يزل ..... للدهر إنصاف وحُسن جزاء ) وقد حدث ..
لقد رحلت صديقى المحترم ، ولكنك لم ولن ترحل - يوما - حتى بعد غيابك .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق