الشاعر والناقد الكبير الأستاذ/ صبرى قنديل ابن كفرالزيات
كل مرة ..
آتيك يا قاهرة المعز
موجوع القلب
تملأني الأحزان
عند بوابات السنين المثخنة.
تختلط علي الأفهام
تتداخل الأشجان في الألوان
تقذفني أمواج الويل والاغتراب
كل مرة ..
تقابلينني بالصد
والاشارات البليدة .
رغم أني أدخلك مع الداخلين
يدفعني الكبرياء وزهو الفاتحين
أحلم أنني عمرو الجديد
ولي في حماك فسطاطا
ووجهي نبض من حواريك
ولي فيك الهوية
ولك في الطمأنة .
ولي في روابيك سوسنة
تنتظرني بجيش العتاب
عند باب النصر
وباب الفتوح
وأزهرك العريق
في الزقاق وفي الطريق
أجييء وأشواقي جديدة .
ها أنت ..
يا قاهرة الرايات المجيدة
والأحلام الشريدة
تضيعين في زحام اللافتات
وتتشرنقين في غباوات عساكر الشطرنج
أنين الشرفات والأكاذيب المعلنة .
يا سيف أمتنا
وستر أهوال عورتنا
يا جسر تاريخها الذى يمر عليه زمانها
وعند بواباته عنوانها
ها أنت ..
تبعثرين علي وجوه البسطاء
كل يوم كؤسا فارغة
وتكحلين بالوهم عيونا عنيدة .
كل مرة ..تلفظينني
رغم أن لي اسما
في سجلات أيامك القديمة
ولي خطوات مشت في أحياء تاريخك
وتعرفني دروب الصمت
والسمت
وشاى المقاهي
والخطوات الوئيدة..
لي ركعات صليتها في أزهرك
ولي مناجاة ودعوات
وملاذا في صحن سيد الشهداء
وأم الأيتام
في ليلة القدر
وليلة النحر
وما لاتمنعني حدوده .
لماذا يا قاهرة المحبين
والمتيمين
والمعذبين
يدوس علي أهدابك الجهلاء ؟
يسلخ جلدك الجلادون
يدخل من أبوابك الطاهرة البغاة..
يغتصب لياليك المشرعات
اللصوص والقناصون..
وترضين بمجالسة الخارجين علي القانون
تفتحين رداءك للقوادين
تحل رائحة التراب علي شفتيك
يغيب عن عينيك زمان الحالمين..
صحبة الياسمين ؟
لماذا ترتدين ثوب الغباء
وأنت ..
أرض المدائن الذكية
تطردين الموجوعين فيك..
الشعراء
النبلاء
النبهاء
شعب البسطاء
المفتون بك ؟
لماذا يا قاهرتي
تلقين علي كتفي أطنان العناء ؟
وأنا..
مثقل بأحزان عيونك
وبناسك الطيبين
العابرين والجالسين
الواقفين علي أعتاب الحسين
لماذا يا قاهرتي ..
تشيحين بوجهك عني ؟
وأنا..
ابن هذا القلب
الذى تنبض به أيامك
ويلفه دفء شوارعك القديمة ؟
كل مرة يا قاهرة..
أموت في عذاباتي
حين أنظر في الوجوه
تتوه أمنياتي
و أنا ..
أرى الأصفياء يأكلون السحت
علي موائد اللئام
والعاهرات اتشحن بثوب الكلام
ورفعن في وجه العصافير
رايات العنترية والسلام .
عاتب عليك يا قاهرة
لأن تتركين جيوش النمل
تدخل قلبك من الشبابيك
وتغني الجوارى الحسان
علي أكتاف العسس والماليك
بينما المتعبون
يبحثون عند أبوابك
عن لحظة للصدق
عن أهدابك النيلية
عن لؤلؤة بين أصداف الهيام .
هذه المرة..
يا قاهرة التضاريس العجيبة
أطرد سحابات اليأس المحاصر
أوقف أمطار الحزن
أوقظ حراسك النيام .
أحمل أنفاسي وأخترق الحواجز
أحطم أصنام الظلام
أدخلك نابض القلب
أفتحه حديقة للعابرين
ها أنا بقرب مسجد عمرو
أنثر علي وجهك باقاتي الوردية
كلماتي الطفولية
لأنني يا قاهرة العيون الليلية
أحببت من بين شهقات القلق عليك
امرأة مرمرية
هي أنت
هي الوشوشات القمرية
شقراء اللمح
وضاءة المحيا
تغسل عيني في نهر الجمال
وترفع عن صدرى أثقال المحال
ها هو صوتها..
يدوى أغنيات في أرجائك
يعيدني اليك
يعيدك الي
كأنه اعتذار عن سوء فهم
كان قد أشعل في الحلوق المرارة .
هاهو ..
يعيدني الي تاريخ الرجولة
يستعيد في البطولة
يسربلني برداء الجسارة
ها أنا يا قاهرة الأحلام الكبيرة
أدخلك بسيف قلبي
أبحث في دروبك عن عينيك
عن هوائك المخبوء بين الضلوع
يا مدينة الوخز والأسرار والتمائم
كيف صارت الصقور تحلق في سماء العشق
بجنب الحمائم
معذرة لخروجي علي النص الجمالي
لأني أحبك
ولهذا معلق سؤالي...!!! .
القاهرة في العام 1993
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من ديواني ( وماذا بعد ؟ ) الصادر في العام 1999
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق