الشاعر/ صلاح عيد
كاتب وشاعر .. صدر له ديوانين .. ترنيمه الشفق وركام .. محاسب .. من المحله الكبرى
نظَرْتُ إلَىَ الْخَرِيِطَةِ لَمْ أَجِدْهُ
فَضَاقَتْ بِيِ بَرَاَحَاتٌ بِذَاَتِي
و جَفَّ الْحَلْقُ ظَمْأَنٌ لِمَاءٍ
و تَاهَ الْفِكْرُ فِيِ دَرْبِ الشَتَاتِ
سَأَلْتُ عَلَيِهِ أَنَّاتِ السَوَاقِيِ
سَأَلْتُ عَلَيْهِ نَايَاتِ الرُعَاةِ
سَأَلْتُ عَلَيْهِ فَلَّاحَاً كَلِيِلَاً
أَجَاَبَ بِآَهَةٍ و بِهَمْهَمَاتِ:
لَقَدْ سَرَقُوهُ فِيِ لَيْلٍ بَهِيِمٍ
فَأَضْحَتْ دَوْحَتِي مِثْل الْفَلاَةِ
و جَفَّ الْجَدْوَلُ الرَّقْرَاقُ فِيِهَا
و شَطَّ الطَيْرُ فِي شَتَّىَ الجِهَاتِ
وَ مَاتَتْ تُوتَيِ بِقُدُومِ صَيّفٍ
شَدِيِد القَيْظِ.. كالبُرْكَانِ عَاتِي
سَأَلْتُ الشَّمْسَ فِي الأَصِاَلِ عَنْهُ
و عَنُ خُوصِ النَخِيِلِ المُذْهَبَاتِ
سأَلَتُ فلوكَةً نَامَتْ بِحُزْنٍ
بِقَاعٍ مِنْ أَسَىً و تَشَقُقَاتِ
سَأَلْتُ الَخَلْقَ دَهْرَاً لَمْ يُجِبْنِي
سِوَىَ حُزْنٌ كَئِيِبُ المُفْرَدَاتِ
نَظَرْتُ إلَىَ الفَضَاءِ رأَيّْتُ فَوْقِيِ
غُرَاباً صاحَ مثل النائحاتِ
و أَبْرَهَةَ المُعَرْبِدُ جَاءَ يَغْزُو
بِأَفْيَالٍ وَ رَتْلِ مُجْنْزَرَاتِ
و لَيْسَ لَدْيْنَا سِجِّيِلاً لِنَنْجُوُ
و لاَ نَحْيَّا بِعَصْرِ المُعْجِزَاتِ
شَعُرْتُ بِحِيرَتِي و دَوَار رأسيِ
كَأَنِّي قَدْ خُنِقْتُ بِحَشْرَجَاتِي
صَحَوْتُ مِنَ الثبَاتِ و مِنْ مَنَامٍ
شَدِيِد الرَّوْعِ.. أَجْهَضَ أُمْنِيَاتِي
حَزنْتُ. نَهَرْتُ نَفْسِي.. لُمْتُ ظَنْيِ
و لُمْتُ الفِكْرَ.. لُمْتُ تَخَيُلَاتِيِ
فَكَيْفَ رَأَيْتُ مِصْرَ.. بِدُونِ نِيِلٍ؟
فتباً لانْحِرَافِ تَصَوُرَاتِيِ
و تَبَاً للذِي قَدْ هَمَّ يَبْنِي
سِدُودَاً كَيْ يُعِيِقَ مُقَدَرَاتِي
و مَنْ رَاحَتْ حَنَاَجِرهُ تُغَنِيِ
لِهَذاَ السَطْو.. صَفَّقَ للبغاةِ
فَنَهْرُ النِيِلِ سَوّْفَ يَظَلُّ دَوْمَاً
لِمِصْرَ الُروح.. شِرْيَان الْحَيَاةِ
و نَهْرُ النِيِلِ لَيْسَ رَفَاه عَيْشٍ
هُوَّ الإِكْسِيِرُ.. للأَرْضِ الرِئَاتِ
فَلَيْسَ هُنَاكَ نِيِلٌ دُوُنَ مِصْرٍ
و مِصْرُ بِدُونِ نِيِلها كَالرُفَاَتِ
ولَنْ نَرْضَىَ بِسَلْبِ الُروحِ مِنَاَ
سَنَجْعَلُهُ.. قُلَيْبَاً للْجُنَاةِ
و مَنْ يَلْتَفُ كَيَّ يَسْطُو سَيفْنَىَ
سَنَحْمِي حَقْنَا مِثْل الأُولَاَتِ
فَمِصْرُ الأَمْن إِنْ كَانُوا أَمَانَاً
وَ إِنْ خَانُوا فَمَقْبَرَةُ الغُزَاةِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق