الأديب/ أحمد البحيرى ابن كفور بلشاى بكفر الزيات
منذ أخبرته أنها رأته في حلمها ولم يعتقها. إنها زميلته في العمل ولم تقص عليه تفاصيل الحلم مرة واحدة. لقد اختصرته في رؤوس أقلام وفي كل مرة تمد له الحبل. كل منهما يعرف كل شيء عن الآخر من نميمة الموظفين، وبقية أفراد المكتب الخمسة يشعرون بما يدور حولهم دون إبداء أي بارقة اهتمام. نظر بعينيها السوداوين الواسعتين وهو يخفض رأسه ويقول: ما كنت اعرف أني شقي إلي هذه الدرجة. أحمحم وأفترس واسقط في قلبك الرعب. ثم خفض صوته أكثر حتي صار همسا وسأل: هل أنت متأكدة أني من صنع كل ذلك؟. ضحكت متوترة، ووشوشته في أذنه:
ثلاث مرات حتي تركت غرفتي ونمت مع البنات. أنت حقا مجرم. عنيف وسادي. بعد أسبوع تزوجها. لم يفكر كلاهما كثيرا، والزواج العرفي أسقط كل المعوقات. وبعد الشهر الأول صارت تنتظر اكتمال توهجه لتحرقه. تتذكر كل همسة ولمسة لم تعجبها،
وتأنبه لأنه لم يتزوجها لغير ذلك. وأنه يحل مشاكله معها بهذا الشيء، وأن الجنس لديها متعة ومزاج، ولا يمكن أن يصير هكذا. ألمهم أن تعمل كل ما بوسعها لإفساد رغبته. أشعل مصباح الغرفة ونظر للقميص الأصفر والشعر الطويل المنكوش وحمل علبة تبغه وخرج للبلاكونة. جلس يدخن ويراقب تصاعد دخان سيجارته ولم تتركه ينعم بالهدوء. إذ خلعت نظارتها السوداء وبدت تتمايل امامه بحركات ذات معني. استدرجها حتي جلست علي الكرسي بجواره
وكلما مد يده عليها أمسكتها وردتها إليه وهي تتدلل.
جرب كل حيله ولما أعيته قال: لا تنسي أنا زوجان.
قالت: عرفي، أخاف أن أحبل منك وترحل. قال: وما الذي جاء بسيرة الحبل الآن؟. أما اتفقنا علي هذه، ثم إني متزوج. قالت اتفقنا وغيرت رأي، صرت بحاجة لولد منك. قال: أنت تستدعين النكد من سابع أرض.
ضحكت وقلبت شفاهها المكتنزة وحركت كفاها بطريقة توحي أنها كذلك، ثم قالت: الله غالب. نهض الرجل الذي لم يكن مفترسا ولا ساديا وفتش في سرواله حتي عاد إليها بورقة المحامي، مزقها أمامها وهو يضحك، ولما ارتدي ملابسه قال وهو يخرج: الآن لا يمكنك رؤيتي في الحلم مرة أخري.
أقرأ أيضاً
هناك تعليق واحد:
زوا ج العالمين في دنيا المغيبين
إرسال تعليق