الأحد، سبتمبر 04، 2022

الغريبة والقريبة .. قصة قصيرة للأديب أحمد البحيري ابن كفور بلشاى بكفرالزيات

الأديب/ أحمد البحيرى ابن كفور بلشاى بكفرالزيات 
 

لتوه عاد من لقاءها، لكنه ليس كقبل أبدا. يعد علي أصابع كفه كم مرة رآها كلما حلقت فوق هذه البلاد ولا يكتمل الكف. كان يعتبر نفسه غريبا قبل معرفتها، لكن هيهات هيهات. يراها كفراشة بأجنحة لامرئية تحملها فوق الكوكب وتتيه كما تشاء.
ولما تلتف حوله الميثولوجيا يراها جرم منفصل لاتقيده قوانين المجرة. أي معرفة تلك التي تعرفها؟. وكيف جمعتها وهي تقريبا في منتصف عمره؟. يدور في وحدته في فراغ الحجرة المظلمة. فلطالما أقنع نفسه أن الضوء يزيد حرارة الحجرة ويمنعه الإسترخاء.
الرجل الذي وصل لمنتصف العقد الخامس يسأل الفراغ: من أقنع هؤلاء الذين نعيش بينهم أن المرأة لا يمكنها أن تسابق الرجل وتسبقه؟. في هذه اللحظة تدخل إمرأته في الكادر. فتحت الباب في هدوء ملحوظ ووقفت قبالته تماما تبتسم عن أسنان كاللولي تلمع في العتمة. وراحت تتمسح فيه كقطة وهي تقول: هل ناديتني؟ قال لقد دخلت فلم السؤال؟. قالت لأنك لازلت واقفا. جلس يقص عليها وكانت متعجلة من فرط إطراءه.

ولما سمعت صراخ الصغير خرجت تركض وتركته لوحدته. أشعل سيجارة وهو يستحضر ملامحها لتتأكد داخله أن أهم العقليات تميزا هي من نتاج الزواج المختلط. ويضيء مصباح الغرفة ليشاهد صورتها علي هاتفه المحمول. عشر دقائق ويطفأ المصباح. يري في وجهها الأحمر الرقيق كل بلدان العالم، وفي جسدها الممشوق الذي يصلح لضابط تحقيق كل جينات البشر. ويهمس في نفسه هل تعلم أن اسمها من أحب الأسماء عندك قبل معرفتها؟.

يطفأ السيجارة ويشعل غيرها وهو يتطلع من زجاج البلكونة علي قمر السماء. ولما وجده يعلو جهة الشرق يتعلق به وهو يعاود الإستشعار بجسده في وجود الغريبة. في البداية كأن كتلة إرهاق أو حالة أقرب للهبوط تحل به. يتبع ذلك لحظة تتوقف فيها وظائفه الحيوية بالكلية. ويصير كل أمله ألا تكاشفه بعينيها البريئتين التي يتواري فيهما البريق.

وبعد إفاقته يلمس بأطراف حذاءه الأرض ليتأكد أنه عليها. و يطير خفيفا إلي فلكها ليقول ما لديه. تنصت إليه بإمعان كأنها استحالت أذنا كبيرة. ولما ينتهي من فكرته مهما كانت عصية علي الفهم قالت: شكرا لك أستاذي. يحدث القمر: أي تواضع هذا؟.
وهنا أيضا تدخل زوجته الكادر ومعها الوليد الذي يبكي. تجلس قبالته وهي تقول: هل ناديتني؟. قال نعم، ناديت حواء. نهضت ووضعت الطفل الذي لم يكمل عامه الأول في حجره وهي تقول وهذا آدم تعامل معه عله ينقذك من سحر الغريبة.


أقرأ أيضاً

كتابات أ / أحمد البحيرى



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق