فى العدد الصادر بتاريخ ٢٦مارس١٩٦٣ بمجلة الكواكب قامت المجلة بنشر مسرحية بعنوان:الهواء الأسود"وزعمت المجلة وقتهاأنها من روائع الكاتب السويسرى"دورينمات"
وتم عرضها على أربعة نقاد من جهابذة النقد فى ذلك الوقت وهم المخرج المسرحى"سعد أردش" والدكتور عبد القادر القط والناقد الفنى عبد الفتاح البارودى والناقد الأدبى رجاء النقاش وبعد أن اطلعوا عليها اتفقوا جميعا على أنها عمل مسرحي رائع من الطراز الرفيع بإمكانه أن ينقل المسرح إلى طريق ٱخر ويعيده إلى زمن الروائع وقد أعلنت المجلة ٱنذاك أنها عثرت على كنز أدبى كبير من الروائع المجهولة للكاتب الشهير"دورينمات"
ومكث النقاد الأربعة-بحسن نية_ ليظهروا إعجابهم بهذا الكشف الأدبى غير المسبوق وغير "الملحوق" أيضا ماعدا الأستاذ عبد الفتاح البارودى الذى أبدى تحفظا على هذه المسرحية كما روى الناقد شعبان يوسف الذى أورد هذا التحفظ في مقال له بعنوان:"المشاغب...."ويتحدث فيه عن بدايات أحمد رجب ومقالبه الساخرة. وكان ذلك في العدد رقم١١٨٨من جريدة :أخبار الأدب" وقد استعرض البارودى رأيه قائلا:أول مرة أسمع عن دورينمات كمؤلف مسرحى فى مسرح اللامعقول إلا أنه-أى"البارودى"قد استغرق في إجراء قراءة نقدية للنص المسرحى المزعوم شأنه في ذلك شأن النقاد الثلاثة الٱخرين ومما قاله البارودى"فى هذا الشأن:هذه هى الدراما...وقال" سعد أردش":إنها رواية عالمية أما الدكتور عبد القادر القط فقد وصفها بأنها :"تعبر عن مأساة الإنسان في القرن العشرين ووافقه الناقد"رجاء النقاش" في هذا الرأى وقال :إنها تشرح بوضوح أزمة الإنسان المعاصر وبعدها يفاجأ الجميع بمقال للكاتب الساخر أحمد رجب بنفس المجلة تحت عنوان:أنا المؤلف الأوحد لمسرحية:"الهواء الأسود".....ثم قال: "أنا الموقع أدناه أحمد رجب أقر وأعترف بأننى كاتب مسرحية الهواء الأسود"وأننى مؤلفها الأوحد وأن الخواجة فردريك دورينمات"الكاتب المسرحى لا علاقة له إطلاقا بهذه المسرحية وأنه ليس له إنتاج مسرحى بهذا الاسم ... والكاتب الساخر أحمد رجب يعترف بأنه فعل ذلك المقلب الساخر ليكشف أولا كبار النقاد المسرحيين ومبدعيه...ثم شن هجوما حادا عليهم وعلى الحركة النقدية في مصر ٱنذاك. ويصف الناقد شعبان يوسف مافعله أحمد رجب بأنه لم يكن سوى "مشاغبة"لهؤلاء النقاد وتحويلهم إلى مسخرة وعمل مقلب ساخن فى حياة ثقافية راكدة وباردةتنشغل بالأجنبى واللا معقول على حساب الطبيعى والمنطقى. ولم يكتف المتابعون عند هذا الحد فوجدنا الكاتب الكبير :أحمد بهجت وقد نشر بجريدة الأهرام مقالا ساخنا بعنوان:"مقلب أحمد رجب لعشاق مسرح العبث" ولعل مادفع الكاتب الساخر أحمد رجب لعمل هذا المقلب هو عشقه وحبه للمسرح الكلاا سيكى ولا يستسيغ الأشكال الجديدة ويرى أنه نوع من العبث تحت اسم المسرح وأراد أن يدلل على رأيه بطريقه عملية فأعطى مجلة الكواكب مسرحية هزلية وقال إنها مترجمة عن الكاتب المسرحى السويسرى " دورينمات" وقد أحدث هذا المقلب دويا هائلا وانقلابا شديدا فى الوسط الثقافي وسرى شعور بين أوساط المثقفين ينم عن شماتة البعض في هؤلاء النقاد الذين هللوا لتلك الأكذوبة دون أن يتأكدوا من صحتها وتبادل الجميع الاتهامات بسبب خديعة أحمد رجب التى كانت واضحة باعتراف أحمد رجب نفسه ومن يدرى فربما ظلت هذه الأكذوبة وتلك الخديعة باقية حتى الٱن بل كان من الممكن أن تعد تحفة أدبية نادرة فى عالم المسرح بخاصة والأدب العالمى بصفة عامة لو لم يعترف أحمد رجب بحقيقتها أما النقاد الأربعة فكانوا فى موقف لايحسدون عليه.. فبعد أن علموا بالمقلب الساخن الذى أوقعهم فيه الكاتب أحمد رجب الذى وصفه أحمد رجب نفسه ب"الفضيحة" أو "فضيحةالموسم" و وصفها الناقد البارودى تعليقا على مقال أحمد رجب"الفضيحة الفنية للتافه الأوحد"وهناك من أصر على رأيه وقال:لن أسحب رأيى وهو المسرحى سعد أردش"بينما نجد الناقد الأدبي د/عبد القادر القط متحفظا فى رده قائلا بأنه لم يمدح المسرحية.. إلا أن الناقد والكاتب رجاء النقاش "قد علق على أحمد رجب ومجلة المواكب قائلا:ماحدث ليس إلا فضيحة للمجلة ومحررها وعلى الجانب الآخر نجد أحمد رجب يعلق مجددا ويقول تحت عنوان:"عقدة الخواجة" ثم يتدخل رئيس تحرير الكواكب ويكتب تعليقا قصيرا يصف ماحدث بأنه"مذبحة"أما الكاتب الكبير توفيق الحكيم فقد اعتبر المسرحية مقلبا لطيفا فى حين دعا إحسان عبد القدوس أن يظل النقاد على موقفهم ويصروا على رأيهم بل ويجب عليهم أن يرفعوا الكاتب أحمد رجب إلى منزلة الكتاب العالميين. ويصف صلاح عبد الصبور ماحدث بأنه أعظم عمل نقدى حسب ما ذكرت مجلة ٱخر ساعة. أما د/طه حسين فكان تعليقه مختصرا:إنها عقدة الخواجة فعلا بينما علق العقاد معجبا بما فعله أحمد رجب وطالب بمحاكمة هؤلاء النقاد لحماية عقول هذه الأمة من تفاهة أفكارهم. وكتب أنيس منصور:".....ومع ذلك هذه المسرحية تم عرضها في بغداد على مسرح الدولة على أنها من تأليف"دورينمات" بقى أن نقول إن المسرحية لارابط بين شخصياتها التى تنظر إلى ساعة معلقة على حائط وتتحدث كلاما مبتورا غامضا يحتمل أكثر من تأويل حتى الجمل والعبارات لم تكن متناسقة ولا مترابطة ولا تؤدى إلى معنى ذى فائدة وأحداثها دارت حول ثلاثة أشخاص بأسماء غريبة مبتكرة سخر أحمد رجب خلالها من تيارات العبث واللامعقول التى انتشرت في ذلك الوقت وهذا ما جعل أحمد رجب نفسه يحجم عن كتابة المسرحيات الساخرة باستثناء تجربته الوحيدة"كلام فارغ"التى هى فى الأساس كتاب في الأدب الساخر وحققت المسرحية نجاحا كبيرا عندما حول الكاتب الراحل نبيل بدران هذا الكتاب إلى عمل مسرحى وقام الفنان الراحل محمد نوح بتلحين أغانى المسرحية وتم عرضها عام١٩٨٧ وفيها أغنية لأحمد رجب كتبها بنفسه قال فيها:يابلدنا ياعجيبة فيكى حاجة محيرانى...نزرع القمح ف سنين يطرح القرع ف ثوانى بقى أن نقول :إن مافعله النقاد من مدح للمسرحية يدل على أنهم يحتفون بالنص طالما تسبقه شهرة صاحبه وينحازون للكتاب الأجانب حتى لو كان مايكتبونه محض هراء وكلام فارغ لا معنى له
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق