السبت، نوفمبر 05، 2022

مفتاح .. قصة قصيرة للأديب أحمد البحيري ابن كفور بلشاى بكفرالزيات

الأديب/ أحمد البحيرى ابن كفور بلشاى بكفرالزيات 
 

ها قد بدا صوت عصفور. إنها المتاهة وحركات المخلوقات علامات. البطة التي تدفأ بيضها بنومها دفقت بجناحيها دفقتين. ولازال الباحث عن المفتاح في ركنه يترقب. ما الذي جعله لا يفقد من كل حاجياته سوي المفاتيح؟. منذ رفضه مفاتيح المدينة البعيدة ولزمه ضياعها. وأغلبها مفاتيح البيت أو العمل .الأوز صار يهيج كمن يتظاهر. إن ترجمته في الأغلب دقيقة. لا شيء يوحي باقتراب المعرفة. والرجل الملموس، صاحب الدار ، يجلس بعيدا عنها صفر اليدين. لا يسعه إلا الإذعان. لقد أعي الباحث بأسئلته السخيفة. وكثرة كلامه عن أكل القطط والثعالب والثعابين. وكلما سأله عن شيء رد عن شيء آخر. وبعدما أكل وشرب ودخن أشار له من فتحة الباب علي شجرة صفصاف علي المصرف وطلب أن ينتظره هناك.
ظهر الآن تغريد بلبل فوق نخلة مع ثغاء ثعلب يسلك الزرع إلي المصرف. صوت الثعلب ظل يقوي كلما ابتعد. إنه زوج ثعالب، ذكر وأنثي. فتح الآن باب وأغلق. لابد أن مفتاحه فيه. والرجل الملموس وقف فوق العتبة، ونظر إلي وهج السيجارة في الركن وهو يسأل: تري عن أي مفتاح تبحث؟. ركض إليه حتي نزل عن العتبة وابتعد. هدده إن ترك البقعة التي حددها له سوف يؤذيه. ولما ران صمت وظهر عزيف الجن، طابت المغني علي ضربات الدف والأرغول. من أي وادي تأتي هذه النغمات؟. والإنسجام جعلها تتعالي. لكن الحمار الذي ضرب رأسه في الحائط عند الجيران جعلها تنخفض. إنه بحاجة لعودة النغمات. في تلك اللحظات تتوقد ملكاته حتي يسطو علي ثملة يستجوبها. البلبل عاد بصوت أخف. وضربات الدف صارت تطلب من بقيت فيه الروح. نجمات الأفق الباهتة اقتربت فجأة من تلك الرأس الغارقة في الظلمة. فنهض ودار يمينا وشمالا حتي عاين كل الدار. وفي أحد الأركان، وجد جميلة طلبت أن تتكأ عليه حتي تعود إلي مرقدها. نظر اليها وغلبته ألسنة الفتنة. كانت مثل عجينة في يده. ولما اقتربا داس بنعله ما كان يفتش عنه وما انتبه له.

أقرأ أيضاً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق