الشاعره أماني السيد العطار |
نون القسوه ديوان شعر عامى مشحون بكل مفردات القسوه التى نعرفها والتى لانعرفها الا من خلال ما اطلقت صرخات الذات الشاعره احيانا او اكتفاءها بالصمت وارتداءها ثياب الصمت والخرس فى احايين كثيره لتملا بها فراغات حياتها والادواو التى لعبتها فى تجسيد ادوار المهمشين والمقهورين فى مجتمعها الصغير والكبير وما حكاويها الا نواتج هضم حكايا الاخرين وارى فى هذا الديوان الصغير فى حجمه وعدد صفحاته الثمانون تضمنت بينها ثلاثه وعشرون صفحه ارتدت ثوب البياض الناصع فى ثمانية صفحات منها
الشاعر والأعلامى/ أحمد محمد زايد |
وصفحتان منها تزركشت بكلمه واحده بينما تزينت احدى عشرة صفحه بكلمتان فقط لكل صفحه بينما تجرات احدى الصفحات ان تبوح بست كلمات واكتفت واحده ان تهمس ياربع كلمات ولكن كما يقولون اقلو ابركو .. ربما هذا يتعلق بالناحيه الاخراجيه وهى بالطبع مسؤلية دار النشر ولكى نكن منصفين فى الحديث عن الناحيه الاخراجيه ارى ان ثمة توفيق ونجاح تحقق فى غلاف الديوان الذى احتوى على مجموعة الوان متداخله منها الاسود والاحمر والرمادى والازرق بنوعيه الفاتح والقاتم وباللون الابيض كتب اسم المؤلف وعدة مقاطع من احدى قصائد هذا الديوان وهذه الالوان لو نظرنا اليه بعين المتامل والمدقق نرى انها عبرت بشكل كبير عن مادة الديوان وكانها مفتاح الدخول لدهاليز
هذا العمل وهذه التجربه التى بدات تتشكل لدى امانى العطار هذه الشاعره التى تتشكل تجاربها الابداعيه من طمى القريه المصريه سواء كان ذلك بمعايشة جزء من التجربه بنفسها او بالحواديت القديمه التى سيقت اليها خلال فترات عمرها من الطفوله الى وقت صياغتها واثناء معايشة الواقع فى حركتها اليوميه منذ خروجها فى الصباح الباكر من بيتها فى قرية مشله مستقله قطار الضواحى لاكثر من ثمان محطات حتى تصل الى مقر عملها بمتحف دنشواى وهى تعبئ ذاكرتها بما تراه وبما تسمعه من مجتمع متنقل بافراحه واتراحه الى ان تستقر فى مكتبها فى متحف به صفحات مشحونه بكل الوان الظلم والقهر والقسوه لذا كانت كل هذه التجارب كفيله بان تتمدد داخل اوردة وشرايين الكاتبه لتعيد صياغتها وتخرجها لنا بالشكل الذى هو بين ايدينا الان
وحقيقة الامر ان الكاتبه تخيرت عنوانا لديوانها ربما يكون مبعث تساؤل من البعض وربما لايروق للبعض ولكنها وطبقا لرؤيتها استفادت من جمله شعبيه تدور على السنة العامه وهى جملة نون النسوه التى تحيل من يستمع اليها انها خاصه بالنساء فقط وبالفعل تحقق هذا فى قصائد الديوان ولدينا الدلالات سنسوقها فى حينها واذا ما استعرضنا ادوات الشاعره التى تمكنها من الكتابه لابد ان نتحدث عن اهم اداه من ادوات الكاتب وهى اللغه والتى بدونها لاتتحقق الغايه ولا التواصل ولغة امانى العطار هى لغه عاميه من
لحم وعظام القريه المصريه وكل مفرداتها وتربتها الخصيبه
بها اشكال متعدده للحزن ومواسم للفرح كما مواسم القطوف والحصاد بها الضحكات المحبوسه
والصرخات المكتومه بها الانين والاهات المبتوره بها الشكايا والحكايا وبها ليالى الكسوف
ونهار الخسوف بها اكفان الموتى ونواح النائحات وحقيقة الامر ان لغة امانى العطار فى
نون القسوه اعلنت عن نفسها وقدمت صكوك ملكيتها وانها تخص امانى دون غيرها من الشعراء
واطلقت تحذيراتها لكل من تسول له نفسه بالاقتراب منها والا سيكون مصيره افتضاح امره
وانه مقلد او مقتبس بصرف النظر عن مابها لها او عليها من ارتباك مشهديه احيانا او كسور
وهنات عروضيه فى مواضع اخرى او عدم تماسك البنيويه ووحدة الموضوع الا انها فى مجملها
عبرت بقوه عن الذات الشاعره واحدثت شعور بما تحمله من حلات انسانيه عندما تشابكت مع
المتلقى
وللتدليل على ذلك
اسوق مثلا فى قصيدة لا ص 28 و29و30و31 التى تبداها امانى بتساؤل وهى تقول اعمل ايه وكانها فى حيره وتدعو المتلقى للتشاور والاشتباك
مع القصيده ثم تفاجئنا انها وحدها عندها الاجابه وتقول اعمل ايه والتحدى منى مل ..
والربيع جوه صبرى زاد خريفى .. فاض وكل .. وبهاتين الجملتين الرائعتين التى تحملان
صورا شعريه غايه فى الروعه والجمال اسباب حيرتها وتجيب على تساؤلها التى طرحته على
المتلقى فى بداية
القصيده ثم تسترسل
قائله قلت اى والصراخ عبى الودان .. السكات حبله طال ..والحروف زادها الكلام والالام
.. صبحت ملامحى وانا ب امحى نفسى منى ..نفسى اقول عيشى وسامحى .. دموعى تصحى وتالمنى
.. وهى هنا ومن خلال ماتقوله تعيش الحاله الانسانيه بكامل معاناتها ولا حاجه لها بان
تستعين بصديق لفك لغز هذه الحيره و المعاناه التى تلازم الذات الشاعره ...الى ان تنتقل
لصوره اكثر من رائعه وهى تقول موج يشيلنى وموج يحط ..والسما للاهه شط .. تفتح عيونها
تانى .. اركب سحابها واعدى .. نسمه تمسح دمع خدى ,, والرياح بينا تودى للظلام .. الليل
وحده يشيلنا ويشاكلنا وسر جمال الصوره هذه
الحركه الديناميكيه التى تخطفك وتنقلك من صورة موج البحر الى شط البحر هناك فى السماء
عندما تصبح السما شط للاهه
ثم ننتقل الى اداه
اخرى من ادوات الكتابه وهى الصوره الشعريه
كثيفه هى الصوره
الشعريه بين ضفتى الديوان وبها تراكيب لغويه عفويه وبكر وهى جديده وغير مطروقه تخص
فقط صاحبتها لايمكن اتهامها بالتقليد او الاقتباس واذكر بعضا منها على سبيل المثال
لا الحصر طبقا لحضورها مع اول اطلاله من اطلالات قصائدها المتصدره الصفحات الاولى انتهاءا
بقصائد الختام ومنها ... فى مقدمة الكتاب قبل باب الدخول تقول فى اول سطور المقدمه
..لا اعرف كيف
وقعت الحقيقه فى بئر الكذب ولكن كلاهما جمل الاخر حتما ..وهذه صوره بسيطه فى التركيب
عميقه فى معناها بقدر ماتحمله من واقع معاش يحمل فى طياته كثيرا من القسوه والمعاناه
ومن هنا ندرك جرم الكذب وان رسولنا الكريم صلى الله عليه وعلى اهله وصحبه وسلم نفى
نفيا باتا ان يكون المؤمن كذابا .. وانظر ايضا الى سطر المقدمه الثانى التى تقول فيه
امانى ..لا اعلم قصتهما المزيفه .. ولا اعلم متى تزينت بعناقيد الحب .. حيث جعلت الحب
هنا مثل بستان العنب وعنقود العنب سر جماله واكتماله فى عنقوديته وتماسك حباته .. ولكن
يفقد قيمته وكل قيمه عندما تنفرط حباته وهذه رؤيه ترقى لان تكون حكمه .. اما عن صور
قصائد الديوان فهى كثيره اذكر منها قولها فى قصيدة غارة صحيان ص8 وانا طالل من عين
بلكونتى .. شافتنى نضارة الشارع ..ديلها الممدود لعندى اتغرق من عندى شوارع ..وفى ص
11 تقول بيعنى .. مرار الايام تصويرة ناسه انكسرت ..وباعت بروازها بيكا .. الحوجه مره
اتعذرت .. مالقتش تمن الانتيكا استيكة الشمس قوام مسحت نتيجة اليوم م اليتم ..وقدم
العشره انكسرت .. واتجوز رحمها العقم ... ومن قصيدة نون القسوه وهى القصيده الام التى
تخيرتها الشاعره لتكون عنوانا لهذا الديوان تقول ..من بنت عاشت سكة الاموات .. لخلق
شافت حلمها توهه ..من بنت طلبت تعيش احساس الذات .. لناس شربوا دمها ودفنوها .. سرقت
نفسى منكم
مسافات .. وعشت
غرقى فى اوراقى .. هربت منكم جايز لبعض ساعات .. خمسين سنه وانا تكتبنى حكاياتى ..
وهنا اقف امام رسائل عديده واتهامات مقدمه من الذات الشاعره الى النائب العام وتحتاج
لقاض عادل ليحاكم مجتمع قتل الضحيه مع سبق الاصرار والترصد بعد ان احكم عليها الشباك
واحكم قبضته عليها كما يحكم الاسد قبضته على فرائسه ولم تنجو من الهرب سوى سويعات من
عمرها الذى عددته بخمسين عاما واكتفى لضيق
الوقت بما ذكرت من صور شعريه لاتكاد تخلو منها اى قصيده من قصائد هذا الديوان الدسم
واجدنى مضطر للانتقال الى سيكلوجية الكتابه وهى واضحه وزاعقه فى هذا العمل وضوح الشمس
فى كبد السماء من خلال ما القته الكاتبه فى وجوهنا داخل تلابيب هذا العمل من مفردات
الالم وتكراره والبكاء والصراخ والفقد والغياب والموت والقتل والدماء والعرق والاكفان
والحزن والوجع والتوهه والانانيه الحيره المرار السهاد الارق الجنون النار الخوف الفراغ
قطيعة الارحام السكاكين الدموع الاصوات الصاخبه الزعابيب البرد الشكايا التوسلات الخ
الخ كل هذه الاعباء النفسيه خرج من رحمها هذا الابداع بما يحمله من شطرات تجسده وتقدمه
للمتلقى وجبه شهيه
واستكمالا لاستعراض
ادوات الشاعره ننتقل الى الهم الابداعى .. او رؤية الكاتب او الرسائل التى تريد الشاعره
ان تكون همزة الوصل بينها وبين جمهورها وهذا مقصود بتصنيف الكتابه وانتماءاتها حيث
جرت العاده احيانا ان يهتم بعض النقاد على ميلهم للتصنيف هل هذه الكتابه هى من الفانتازيا
ام كتابات رومانسيه ام ام الخ من التصنيفات واستطيع ان اقول من خلال تجوالى وتطوافى
بين قصائد نون القسوه ان اقول ان الثمه المشتركه بين قصائد الديوان هى البلاك دراما
وليس البلاك كوميدى لاحتواءها على كل مفردات الحزن المتعارف عليها تبكيك اذا ماتفاعلت
معها وعايشت حالتها وقد نجحت الذات الشاعره بقصد او ربما بغير قصد ان تجر المتلقى لهذا
التفاعل رغما عنه وهى تتحدث وكانها بطلة المشاهد الدراميه التى تخطها على الاوراق واحيانا
اخرى تتلاشى من المشهد بخفه ورشاقه وتكتشف انها تتحدث بضمير الغائب مفرد كان او بصيغة
الجمع وكانها تحادث المجتمع باسره ومن هنا تحضرنى مقولة القائل بان الشاعر ابن بيئته
.. وواضح جدا تاثر الشاعره بالبيئه المحيطه بها تماما وايضا ستؤثر هى الاخرى فى بيئتها
عبر صرخاتها ورسائلها فى هذا الديوان
ومن هنا اقولها
دون مجامله ولا مواربه اقولها عن قناعه ان ابنتنا الشاعره المتالقه امانى العطار العضو
العامل بنادى ادب كفر الزيات هى احد الشاعرات الواعدات التى تنتظر ابداعاتها الساحه
العربيه
وستكون احد اعلامها
فى القريب العاجل كل الامانى للشاعره امانى مقترنه باجمل التهانى وشكرا للساده الحضور
من شرف بهم المكان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشاعر والكاتب
/ احمد محمد زايد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق