ضفافنا ملتقى لمبدعى ومثقفى وعلماء ونجوم كفرالزيات, ولا يدخلها إلا المثقفين

الخميس، نوفمبر 18، 2021

الدُّعَاءُ بِظَهْرِ الغَيْبِ سُمُوٌّ بِالإنْسَانِيَّةِ فَوْقَ دَرَجَةِ المَلَائِكِيَّةِ . . بِقَلَمِ الأستاذ /حُسَامُ أَبُو صَالِحَةٍ. ابن شبشير الحصة. طنطا

الشاعر الأديب / حسام أبو صالحة
ليسانس آداب وتربية - كلية التربية - قسم دراسات إسلامية- جامعة الأزهر رئيس قسم الدراسات العليا والعلاقات الثقافية بكلية الهندسة جامعة طنطا. ابن شبشير الحصة. طنطا

مَا أجملَ أنْ تسمو بنفسكَ ! ، ومَا أقومَ أنْ تعلو بِها قدرًا على بشريَّتها ! ، ومقدارًا علي آدميَّتها لتصلَ لمرتبةِ الملائكيةِ حينما تخلو بذاتكَ بعيدًا عنْ أعينِ البشرِ لتناجي اللهَ تعالى ربَّ البشرِ ، فتدعوهُ رافعًا يديكَ إليهِ ،وترجوهُ ، وقلبُكَ، وعقلُكَ وسائِرُ أركانِكَ معتمدًا عليهِ بدعائكَ لأخٍ لكَ قد يكونُ أخًا بالنسبِ ، أو في الدينِ ، أو في الإنسانيةِ هذا الأخُ هوَ بأمسِّ الحاجةِ لذاكَ الدعاءِ ، وهذا الرَّجاءِ ، لكنَّهُ معَ ذلكَ لا يعلمُ إطلاقًا بدعائكَ لهُ، ولمْ يركَ ترجو لهُ ، ولمْ يطلبْ منكَ أبدًا هذا الرجاءَ ، ولا ذاكَ الدعاءَ ، ولمْ يجبركَ ، ولمْ يدفعكَ به دفعًا ، أو يحثُّكَ عليهِ حثًّا سوى محبتكَ إيَّاه، ورغبتكَ بصلاحِ مأواهُ، فهوَ دعاءٌ بظهرِ الغيبِ ، وسرٌّ بينكَ ، وبينَ اللهِ لا يعلمهُ سواهُ .

- ففعلُ الخيرِ هذا، وهوَ الدعاءُ لأخيكَ بالخيرِ، والصلاحِ، والإصلاحِ ، والاستغفارِ لهُ، وطلبِ رحمةِ اللهِ بهِ ؛ لمنْ صميمِ عملِ الملائكةِ يقولُ اللهُ تعالى :(الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ) "٧غافر" .
روى البخاريُّ (445) ومسلمٌ (649) عنْ أبي هريرةَ- رضيَ اللهُ عنهُ- أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ : ( المَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ ، مَا لَمْ يُحْدِثْ ، تَقُولُ : " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْه" .
- يا لها منْ مرحلةٍ لا تتوافرُ بالكثيرِ منْ النَّاسِ مرحلةٌ يقولُ فيها الؤمنُ لأخيهِ: " يا أنا " ، ويؤثرهُ علي نفسهِ ، ولوْ كانَ ما يؤثرُ بهِ غيرَهُ هوَ حياتَهُ ؛ فالإيثارُ هوَ: أنْ يقدِّم الإنسانْ حاجةَ غيرهِ مِنْ النَّاسِ على حاجتهِ، بِرُغْمِ احتياجِهِ لما يبذُله، فقد يجوعُ ؛ ليُشبِع غيرَه، ويَعطشُ ؛ ليروي سِواهُ ؛ لذا قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (لا يؤمنُ أحدُكمْ حتى يُحبَّ لأخيهِ ما يُحبُّ لنفسِهِ) ؛ مُتَّفقٌ عليهِ .
وقدْ ضربَ لنا الصحابةُ- رضوانُ اللهِ عليهمْ- أروعَ الأمثلةِ لذلكَ مِنها:
١-إيثَارٌ بِكُلِّ شَيءٍ :
عنْ أنسِ بنِ مالكٍ- رضيَ اللهُ عنهُ- قالَ : (لمَّا قَدِمَ المهاجرونَ المدينةَ نزلوا على الأنصارِفي دُورِهِمْ فقالوا: يا رسولَ اللهِ ما رأينا مثلَ قومٍ نزلنا عليهمْ أحسنَ مواساةٍ في قليلٍ ، ولا أبذلَ في كثيرٍ منهمْ ، لقد أشركونا في المهنأ ، وكفونا المُؤنةَ ، ولقد خشينا أنْ يكونوا ذهبوا بالأجرِ كلِّهِ ؛ فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: كلَّا ما دعوتمْ اللهَ لهمْ وأثنيتمْ بِهِ عليهمْ)
٢-إيثَارٌ حَتَّى بِالحَيَاةِ :
انطلقَ حُذيفةُ العَدويِّ في معركةِ اليرموكِ يبحثُ عنْ ابنِ عَمٍّ لهُ ، ومعهُ شَرْبةَ ماءٍ ، وبعدَ أنْ وجدهُ جريحًا، قالَ لهُ : أَسقيكَ؟ فأشارَ إليهِ بالموافَقةِ، وقبلَ أنْ يَسقيَهُ سمِعَا رجلاً يقولُ : "آه" ؛ فأشارَ ابنُ عَمِّ حذيفةَ إليهِ ؛ ليذهبَ بشربةِ الماءِ إلى الرجلِ الذي يتألَّمُ، فذهبَ إليهِ حذيفةُ ، فوجدَهُ هشامُ بنُ العاصِ ، ولمَّا أرادَ أنْ يَسقيهُ سَمِعَا رجلاً آخرَ يقولُ : "آه" ؛ فأشارَ هشامُ لينطلِقَ إليهِ حذيفةُ بالماءِ، فذهبَ إليهِ حذيفةُ فوجدَهُ قدْ ماتَ، فرجعَ بالماءِ إلى هشامِ فوجدَهُ قد ماتَ، فرجعَ إلى ابنِ عَمِّهِ فوجدَهُ قد ماتَ، فقد فضَّلَ كلُّ واحدٍ منهمْ أخَاهُ على نفسِهِ، وآثرَهُ بشربةِ ماءٍ .
٣-إيثَارٌ حَتَّى بالقَبْرِ :
لمَّا طُعِن أميرُ المؤمنينَ عمرُ بنُ الخطَّابِ - رضيَ اللهُ عنهُ - قالَ لابنِه عبدُ اللهِ : " اذهبْ إلى أُمِّ المؤمنينَ عائشةَ - رضيَ اللهُ عنها- فقلْ : يَقرأُ عمرُ ابنُ الخطَّابِ عليكِ السَّلامَ ؛ ثمَّ سَلْهَا أنْ أُدْفَنَ معَ صاحِبيَّ. قالتْ : " كنتُ أريدُه لنفسي، فلأوثِرَنَّهُ اليومَ على نفسي ؛ فلمَّا أقبلَ ، قالَ لهُ : "ما لديكَ؟ " قالَ : " أذنتْ لكَ يا أميرَ المؤمنينَ " قالَ : " ما كانَ شيءٌ أهمَّ إليَّ منْ ذلكَ المضجعِ ؛ فإذا قُبِضتُ فاحملوني ؛ ثمَّ سلِّموا؛ ثمَّ قلْ : "يستأذن عمرُ بنُ الخطَّابِ، فإنْ أذنتْ لي فادفنوني، وإلَّا فردُّوني إلى مقابرِ المسلمينَ .
٤-إيثَارٌ حَتَّى بالرَّغِيفِ :
دخلَ عَلَي أُمِّ المؤمنين عائشةَ - رضيَ اللهُ عنها- مِسكينٌ فسألها - وهيَ صائمةٌ وليسَ في بيتِها إلَّا رغيفَ خُبْزٍ ؛ فقالتْ لمولاةٍ لها: " أعطيهِ إيَّاهُ " ؛ فقالتْ : " ليسَ لكِ ما تُفْطِرينَ عليهِ ؟ " ؛ فقالتْ: "أعطيه إيَّاه" قالتْ : " ففعلتُ" قالتْ : " فلمَّا أمسينَا أهْدَى لنَا أهلُ بيتٍ أوْ إنسانٌ مَا كانَ يُهدِي لنا: شاةً وَكَفَنَهَا فدعتْنِي عائشةُ ؛ فقالتْ : " كُلِي مِنْ هَذا؛ فَهَذا خيرٌ مِن قُرْصَكِ " .
- فأنتَ حِينَمَا تُؤْثِرُ أخاكَ بالخيرِ وتَخُصُّهُ بهِ داعِيًا لهُ بظهْرِالغيبِ فأنتَ ، والملائكةَ صنوانٌ في العملِ لاتختلفانِ، بلْ تَتَّفِقانِ تمامَ الاتِّفاقِ ، وتلتقيانِ كُلَّ الالتقاءِ ؛ فكما هُمْ يدعونَ بالخيرِ للغيرِ فأنتَ تدعو مِثْلَهمْ، وكما هُمْ مُستجابي الدعاءَ فأنتَ بلا أدنى شَكٍّ مثيلهُمْ، ونظيرهُمْ، وشبيههُمْ قالَ أبو الحسنِ المُباركفوري- رحمهُ اللهُ- " دعاءُ الملائكةِ مُستجابٌ " التيسيرُبشرحِ الجامعِ الصغيرِ،
وعنْ خِيرةَ بنتِ أبي حَدردَ أمِّ الدرداءِ الكبرى: " دعوةُ المرءِ مستجابةٌ لأخيهِ بظَهْرِ الغيبِ، عندَ رأسِهِ ملَكٌ يؤمِّنُ على دعائِهِ، كلَّما دعا لَهُ بخيرٍ، قالَ:" آمينَ، ولَكَ بمثلهِ " صحيحُ ابنُ ماجةَ ،أخرجه مُسلمٌ ، وأحمد .
- بلْ أُسْعِدُ قلبكَ بما هُوَ أجلُّ، وأُفْرِحُ وَجْدَكَ بما هُوَ أهَمُّ ، وَأرْبِطُ على يقينِكَ بما هُوَ أكْرَمُ وأعلى ، وأعَمُّ ؛ فقدْ تَفْضُلُ نَفْسُكَ البشريَّةَ علي الأنوارِالملائكيةِ بصلاحِهَا، ومعالجةِ نفسِها، وكبْحِ جِماحِ شهواتِها ؛ إذْ ليسَ أدلُّ على نقاءِ القلبِ ، وصفائِه ، وسلامتِه منْ الدُّعاءِ للمسلمينَ بظَهْرِ الغيبِ؛ فالمؤمنُ يحرصُ على الدُّعاءِ لأخيهِ بتيسيرِالعُسْرِ، وإزالةِ الهَمِّ، ورفعِ الغَمِّ، وكشفِ الكَرْبِ، وقضاءِ الدَّيْنِ، وسائِرِ النَّجاحِ، وكُلُّ الفلاحِ ، وإشاعةِ الأفراحِ، وذهابِ المصائبِ ،و الأتراحِ، والسعادةِ بالدارينِ؛ فتسمو نفسُهُ ، وترتقي رَوْحُهُ ، ويعلو كيانُه عندَ تجردِهِ منْ الأناَ ، بمحبةِ الخيرِ للغيرِكَحُبِّهِ لذاتِه نائيًا بنفسِه عنْ آفةِ العُجْبِ بالنفسِ ، وتفضيلِهَا، وكبحِ جماحِ زهوِهَا بنفسِها ؛ فعنْ أبي ذرٍّ الغِفَارِيِّ : " خرَجَ إلينا رسولُ اللهِ -صلّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فقالَ :" أتَدْرونَ أيُّ الأعمالِ أحَبُّ إلى اللهِ؟ " قال قائلٌ: "الصَّلاةُ والزكاةُ "، وقالَ قائلٌ: " الجِهادُ " ، قالَ :" إنَّ أحَبَّ الأعمالِ إلى اللهِ الحُبُّ في اللهِ، والبُغضُ في اللهِ " أخرجه أبو داودَ، وأحمدَ.
- وعنْ أبي الدرداءِ : " ما منْ رجلَينِ تحابَّا في اللهِ بظهرِ الغيبِ إلا كانَ أحبُّهما إلى اللهِ أشدَّهما حُبًّا لصاحبِه" أخرجهُ الطبرانِّي في «المعجمِ الأوسطِ» .
- فالملائكةُ عبادٌ مكرَمونَ ، لا يعصونَ اللهَ ما أمرَهم ويفعلونَ ما يُؤمرونَ ، وقد خلقهمْ اللهُ- تعالى- ، وجبلهُمْ على طاعتِه، وعبادتِه؛ فمنهمْ الموَكَّلُ بالوحيِّ ، ومنهمْ الموَكَّلُ بالأرزاقِ ، ومنهمْ الموَكَّلُ بالجبالِ ، ومنهمْ المخلوقُ للعبادةِ، والصلاةِ ، والتسبيحِ، وذكرِ اللهِ فعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ ، أَطَّتْ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ ) حسنَّهُ الألبانيُّ في "صحيحِ الترمذيِّ.
- والملائكةُ يقدرونَ في العبادةِ على ما لا يقدرُ عليه بشرٌ، لكنْ ذلكَ لا يعني أنَّهم أخيرُ منْ الأنبياءِ؛ لأنَّ عبادةَ الملائكةِ أعظمُ، أو أكثرُ ؛ لكنَّ الأنبياءَ بحكمِ كونِهم بشرًا ، وفيهِمْ طبيعةُ البشرِ، لمَّا ارتفعوا إلى ذلكَ المقامِ العالي في طاعةِ ربِّهمْ ، كانتْ لهم فضيلةٌ خاصةٌ ، ومقامٌ عظيمٌ ؛ حتَّى ذهبَ غيرُ واحدٍ منْ أهلِ العلمِ إلى أنَّ صالحي البشرِ أفضلُ مقامًا منْ الملائكةِ ؛ لأنَّ الملائكةَ ليسَ عندهمْ نوازعٌ للشَّرِ أوْ العصيانِ ، وأمَّا صالحُو البشرِ فعندهمْ هذه النوازعُ ، غيرَ أنَّهمْ يغالبونَها ، ويقهرونَها في طاعةِ اللهِ .
- وقد سُئِلَ شَيخُ الإسلاَمِ عَنْ الْمُطِيعِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ هُمْ أَفْضَلُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ؟
فَأَجَابَ: قَدْ ثَبَتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍ أَنَّهُ قَالَ : " إنَّ الْمَلَائِكَةَ قَالَتْ : يَا رَبِّ جَعَلْت بَنِي آدَمَ يَأْكُلُونَ فِي الدُّنْيَا وَيَشْرَبُونَ وَيَتَمَتَّعُونَ ، فَاجْعَلْ لَنَا الْآخِرَةَ كَمَا جَعَلْت لَهُمْ الدُّنْيَا قَالَ : لَا أَفْعَلُ ثُمَّ أَعَادُوا عَلَيْهِ قَالَ : لَا أَفْعَلُ ثُمَّ أَعَادُوا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا فَقَالَ : وَعِزَّتِي لَا أَجْعَلُ صَالِحَ ذَرِّيَّةِ مَنْ خَلَقْت بِيَدَيَّ ، كَمَنْ قُلْت لَهُ : كُنْ فَكَانَ " ذَكَرَهُ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدارمي،
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ أَنَّهُ قَالَ : مَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْ سيدنا مُحَمَّدٍ- صلّى اللهُ عليه وسلَّمَ - فَقِيلَ لَهُ : وَلَا جِبْرِيلُ وَلَا ميكائيل فَقَالَ لِلسَّائِلِ : " أَتَدْرِي مَا جِبْرِيلُ وَمَا ميكائيل ؟ إنَّمَا جِبْرِيلُ وميكائيل خَلْقٌ مُسَخَّرٌ كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، وَمَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
- وأنتَ بواقعِ الأمْرِ حِينما تدعُو لأخيكَ بظهرِ الغيبِ خيرًا ، ولوْلمْ يكنْ ابنُ أمِّكَ ، وأبيكَ فإنَّمَا تدعو لنفسِكَ، إذْ مردودُ ذلكَ راجعٌ بالخيرِ إليكَ، وعائِدٌ بالإثابَةِ عليكَ فعنْ أبي الدرْداءِ : إذا دعَا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتْ الملائِكةُ آمينَ ولَكَ بمِثلٍ . " صحيحُ أبي داودَ " .
-وَمَنْ يزرعُ الوردَ يجْني عِطْرَ رائحتِه، وَمَنْ يَحْرُثُ الشَّهْدَ يَتَذَوَّقُ حَلاوَتَهُ قالَ أبو الفتحِ البسْتِيِّ :
إزْرَعْ جَميلاً ولوْ في غَيْرِ مَوضِعِهِ
فَلا يَضِيعُ جَمِيلٌ أيْنَما زُرِعَا.
إنَّ الجَمِيلَ وإنْ طَالَ الزَّمَانُ بِهِ
فَليْسَ يَحْصُدُهُ إلَّا الذِي زَرَعَا.
- لَيْتَنَا نَنْثُرُ الخَيْرَ مُنْسَابًا بَيْنَ الوَرَا ؛ فَيَعُمُّنَا، وَيَغْمُرُنَا ، وَنَزْرَعُ الوَرْدَ بِبَسَاتِينِ قُلُوبِنَا ؛ فَيَنْبُتُ بِأنْفَاسِنَا عَبَقَ نَسِيمِهِ ؛ فَيُسْعِدُنَا عِطْرَ رَائِحَتِهِ ، لَيْتَنَا نَتَمَنَّي السَّعَادَةَ لِلْجَمِيعِ ؛ حَتَّي تَألَفَ السَّعَادَةُ أنْفُسَنَا ، وَقُلُوبَنَا ، وأرْوَاحَنَا ، لَيْتَنَا نَرْتَقِي بِآدَمِيَّتِنَا ، وَنَعْلو بِبَشَرِيَّتِنَا ؛ فَنَفُوقُ المَلائِكَةَ بِدُعَائِنَا بِالخَيْرِ للغَيْرِ بِظَهْرِ الغَيْبِ ؛ إذْ ثَوَابُ كُلِّ ذَلكَ رَاجِعٌ عَلَيْكَ ، وَمَرْدُودٌ إلَيْكَ .

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

ما شاء الله تبارك الله ... نفع الله بكم اخى الحبيب ا. حسام