الأديب/ أحمد البحيرى ابن كفور بلشاى بكفرالزيات
أكثر ما يلوم اللائم في سلوك المتصوف مغالاته في حب النبي. والحق أن من عرف الله ورسوله حق المعرفة لا يسعه إلا حبهما. فمحبة الله لا نهاية لها وكذلك رسوله. (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله).
أي أن الأمر واحدا. نحب الله لأنه الخالق البارئ المصور، ونحب رسوله لأنه متلقي الوحي منه ومبلغ عنه كل ما يخص هذا الدين. وقد جعل الله تبارك وتعالى حبه عبادة، وقرن إسمه باسمه في الشهادة، وكتبها علي العرش وآدم في سفر الطين. وجعله أولي الناس بإبراهيم وموسي وعيس، وشاهدا علي أمم الرسل أجمعين. وجعله شفيعا لمن أراد من الخلق يوم العرض العظيم.
وجعل نطقه وحيا. ( وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحي) حتي قال صلى الله عليه وسلم:( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وسنتي).
ثم إن حب النبي تأثير روحي قسري لا يقوي المحب علي دفعه ولا سلطة له عليه. لا يمكنه التحكم فيه وتخفيف درجته إذا كان قويا. فقط يدور في الفكرة الكونية ويفيق بزفرة شديدة، يصلي بعدها علي النبي.
أن تأنس بقربه ساعة خير لك من الدنيا وما فيها. تترك كل شيء وتصلي وتسلم عليه. ( وأعلموا أن فيكم رسول الله). فيكم بالنور والروح والذات والقرآن والفضائل والأخلاق.
حب النبي هداية، والهداية في تسلطها علي النفس أشد من الغواية، إن أحببته لن تحب غيره. سوف تطلق الدنيا بالثلاثة؛ فما عادت تهمك. تقطع أغلب علاقاتك مع الناس وتتفرغ لدرك الحقائق.
ومن حبه تحب آل بيته وأهل الله والمشايخ. فهؤلاء أتباعه في كل زمان ويهتدون بهديه. لا يطمعون في درجة أو منصب ولا يبغون غير وجه الله. لم يغيروا ولم يبدلوا فيما وصلهم من رسول الله. بل وقفوا لكل من غير وبدل، ومنهم من لاقي ربه شهيدا في وقت الفتن.
حب النبي سر وجود المحب في الحياة. صحيح أن معني الحياة أن تظل موجودا وتدفع عن نفسك الموت. لكن هذا المعني لا قيمة له دون هدف. أنظر لو كان هدفك حب النبي، كيف تكون حياتك؟.
إن النساء، والبنين، والذهب والفضة، وكل ما تشتهيه النفس في عين المحب رماد. يهجر كل ذلك وخصوصا ليلا ليختلي بحبيبه.
شفتاه لا تتوقفان عن الحركة ولو لم يظهر صوته. ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها). ويخفف الذكر بشريته فيدخل عديد العوالم.
وما من عالم يدخله إلا وجد فيه شيئا يخص سيدنا محمد. حتي عالم الجن، يسأل فيه عن أحفاد هؤلاء الذين سمعوا القرآن من سيدنا محمد. ويدرك أن أول ما خلق الله، نور سيدنا محمد، فيزداد حبه له ولكل من يسير على نهجه.
ويرجو الله أن يحشره معهم يوم المشهد العظيم. كل عام وأنتم بخير في ذكري خاتم الانبياء والمرسلين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق