الأربعاء، أغسطس 18، 2021

1- ( العلامة محمود شاكر كما ينبغي أن تعرفه ) مقاله للشاعر أحمد صلاح المليجى ابن منشأة سليمان بكفرالزيات

الشاعرالأديب / أحمد صلاح المليجى

 العالم الجليل وحيد عصره وفريد دهره كعبة العلماء وأسوة البلغاء الأستاذ محمود محمد شاكر ، تحية إلى روحك العطرة ، وإلى قلمك المدجج في وجه من تسول له نفسه أن تمتد يده إلى محراب لغتنا الشريفة بسوء .

ثم أما بعد :

‏أيها القارئ الكريم يشرفني أن أحدثك عن رجل كنتَ كل حياته ، دافع عنكَ مستميتا ولا تدري ، ووقف وحده في ساحة المعركة يبارز خصومكَ ولا تدري ، وقد آن الأوان وأَنَى ، أن تتعرف إلى ذلك الخضم الزاخر ، والبطل المغامر ، الذي جعل حياته وقفا للغتك ، يذود عنها بضمير حي ، وقلم يقظ ، لا يترك شاردة ولا واردة إلا بحثها وردها إلى أصلها الذي جاءت منه . ‏ولن أحدثك عن مولده ولا عن نشاته وتعليمه ؛ إذ إن السبيل إلى معرفة ذلك سهل يسير ، لا يكلفك إلا بحثا يسيرا بالشبكة العنكبوتية .

العلامة محمود شاكر رحمه الله
‏ولكنا سنخلص إلى عقل الرجل ، فنحاول أن نسبر غوره ، وأن نتقصَّى خبره ، ووالله إنه لعمل شاق متعب ؛ وحسبك أن تستمع إلى مقالة أ. محمود الطناحي حتى تقف معي على هذه العبقرية الفريدة يقول أ. الطناحي ( رحمه الله ) :
‏( وقد كتبت عن محمود شاكر كثيرا، وحاولت أن ألتمس وجوها من الوصف تنبئ عن حقيقة حاله ومكنون أمره ، وغاية ما انتهيت إليه أن الرجل رزق عقل الشافعي ، وعبقرية الخليل ، ولسان ابن حزم ، وجَلَد ابن تيمية ، بل إني رأيت أن ليس بينه وبين الجاحظ أحد في الكتابة والبيان ، وكنت أرى أن كل هذا الذي قلته غير كاف في حقه، حتى وقفت على ما أريد من وصفه في كلام لأبي حيان التوحيدي، يقارن بين الجاحظ وابن العميد، يقول أبو حيان:
"إن مذهب الجاحظ مدبر بأشياء لا تلتقي عند كل إنسان، ولا تجتمع في صدر كل أحد، بالطبع والمنشأ والعلم والأصول والعادة والعمر والفراغ والعشق والمنافسة والبلوغ. وهذه مفاتح قلما يملكها واحد، وسواها مغالق قلما ينفك منها أحد". فهذا كلام مفصل على محمود شاكر تفصيلا، ومصروف إليه صرفا، ويزد عليه غيرته الشديدة على العربية ودفاعه الحار عنها، وخوضه تلك المعارك الرهيبة التي خاضها بقلب رجل صلب عنيد فاتك، وقد خاض معاركه كلها وحده، غير متحيز إلى فئة ولا منتصر بجماعة ). ( الطناحي رحمه الله ) . فما بالك برجل رزق عقل أكبر مؤصل في الفقه وهو الإمام الشافعي صاحب الرسالة ، وعبقرية الخليل بن أحمد الفراهيدي واضع علم العروض ومعجم العين وأستاذ سيبويه ، ولسان ابن حزم الاندلسي الظاهري صاحب المحلى ، وجَلَد ابن تيمية شيخ الإسلام ، ثم إن كل ذلك غير كاف في حقه كما يقول الطناحي . ثم إن الرجل عاش مهموما بقضايا أمته ، مخلصا لها ، مدافعا عن تراثها ، مناديا بالرجوع إليه والأخذ عنه والتخرج في محرابه ،( انقطع لهموم العرب والمسلمين، وجعل هذا الهم شاغله في ليله ونهاره، وفيما يكتب، وفيما يقرأ، وفيما يحدث به من يرتادونه، وكأن هذه الأمة العربية الإسلامية مع تنائي أقطارها، واتساع ديارها، واختلاف أجناسها، إنما هم أبناء أمه وأبيه، وهم أهله، وعشيرته، الذين يقوم لهم، ويقعد. بهم. وقد درس تاريخ الإسلام، والصراعات التي دارت في دوله، سواء كانت هذه الصراعات في داخل ديار الإسلام، كما كان يحدث بين الأجناس المختلفة المتصارعة في دولة الخلافة، من الفرس، والترك، والعرب، أو كان هذا الصراع بين دول الإسلام والأمم الأخرى، وخاصة الأمم الأوربية منذ بداية الحروب الصليبية، ثم فتْح القسطنطينية، وتوغل جيوش المسلمين في قلب أوربا الشمالية ثم الاستعمار الحديث، وحملاته، وجهاد المسلمين له، توسع في دراسة كل ذلك، وتعمقه، وفرغ له ) أ.د / محمد أبو موسى . أليس من أحق حقوق رجل كنا همه ، وكان الدفاع عنا وعن تراثنا وشخصيتنا الإسلامية والعربية شاغله الأكبر ، أليس من أحق حقوقه علينا ألا نجهله ونجهل تاريخه . ( يتبع ) .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق