كان إحساسها بالغرق يفوق الماء الذي غمر المر سم من هطول السيول بغزارة منذ ليلة الأمس ، ولم يستطع السقف المصنوع من الاستبس الخفيف أن يمنع أو يتحدى قوة الأمطار الثلجية ، رؤيتها لوحاتها وهى تطفو فوق الماء الذي تزين سطحه بجميع الألوان التي حملتها ريشتها بقلبها وكيانها ، كأن ذكرياتها تحترق بنار الغرق،
وأفكارها تتبخر ، ما الذي يمكن أن تنقذه من رسومات روحها ؟
لوحة المسيح ..السيدة العذراء ..رقصات العجوز .. فتاة الرمان ..
وغيرها الكثير من روحها ومشاعرها ، كل لوحة تحمل حكاية ، قصة ، ذكرى أخذت من عمرها ووجدانها ..
في عينيها مر ت شبورة من الدموع فتداخلت المشاعر واللوحات والأشياء فشعرت وهى وحدها أنها فى حيز مغلق ، تختنق ، وأن الماء الذي تطفو على سطحه اللوحات يتقدم نحوها ببطء ، يحاول أن يعتذر ويلاطف قدميها ويبقى على ذاكرتها فوق فرشاتها ، التي بدت مبتسمة وهى تستريح بين أصابع قدها ، تقبلها ، مثلما كانت تقبل أصابع يديها وهى تصنع بها أشكالا ورموزا ، وجوها وحياة ، مبهجة أحيانا ، عميقة التاريخ أحيانا أخرى
مالت ومدت يدها بصعوبة تحاول أأن تنتشل ما يمكن إنقاذه من تاريخها المحفور على الخشب ، والذي كانت تعده للمعرض العالمي ، تتوسل الشمس سطوعا لتجفف لوحات الأمل ، تستدعى ابتسامات تمنحها القوة والصلابة لتعبر لحظات الغرق .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق