الثلاثاء، يونيو 09، 2020

أوجاع الواقع الإسلامى بين الجمود والتجديد !!

بقلم الأستاذ / إبراهيم عبد المعطى حماد
المحامى والكاتب الصحفى أبن الدلجمون بكفرالزيات

لا شك أن المسلمين عمومًا لديهم إيمان بأن الإسلام هو رسالة النور والسلام والتعايش فى الأرض ، ويعلمون مثلما يعلم كثيرون من غير المسلمين – وإن لم يعترف بعضهم – أن الإسلام أرسى قواعد النهوض الإنسانى عمومًا فى المناطق التى دخلها غير أن سلوك بعض المسلمين ، وكذلك الحاقدين على الإسلام فى خارج دائرته إستطاعوا أن يشوهوا الواقع ويزيفوا الحقيقة ليظهروه كمنهج عدوانى منغلق لا يقبل ولا يصلح لاعتباره كقاعدة حوار وتفاهم بين الشعوب .. إننا أمام أوجاع واقعنا الإسلامى علينا أن نحترم النصوص الدينية ، وثمة فرق بين النص الدينى والنص الإنسانى ، فالأول يعنى القرأن والسنة وهذه النصوص لا تغيير فيها ولا تبديل أما النص الإنسانى فيعنى أفهام الناس المتعلقة بالأية أو الحديث ، وهذا الفهم الإنسانى يمكن أن يتغير أما النص الدينى فلا يتغير ولكنه يفهم بعدة معان ، فإذا كان حكمًا قطعى الدلالة قطعى الثبوت فلا تغيير فيه ولا اجتهاد معه ، أما النصوص التى تحتمل الإجتهاد فهى النصوص التى بها معان كثيرة يختار المجتهد منها المعنى الذى يتناسب مع العصر ويتماشى مع الأية أو الحديث ، فالتجديد المأمول يشترط فيه أن يكون منضبطًا بالأصول والقواعد الكلية ، وهى قواعد رغم ثباتها إلا أنها مرنة فى التنفيذ ، فمثلًا حين قال سيد المرسلين : ( لا ضرر ولا ضرار ) يعنى عليه السلام أنه لا ضرر فى الإسلام ولا إضرار بمصالح البشر ، وهى قاعدة من قواعد هذا الدين ، ولذلك فالمفروض على المشرع أو الفقيه الإسلامى – وهو مفكر إنسانى – يقوم بوضع قانون مدنى ألا يجتهد أو يشرع أمرًا فيه ضررًا ، وله أن يضع التشريعات بما يتوافق مع مصالح المجتمع ذات الطبيعة المتغيرة – على أن تتوافق مع المبدأ الراسخ الثابت الذى لا يتغير من مبادئ الإسلام بألا ضرر ولا ضرار.
إن الذى يقوم بهذا التجديد هو الفقيه الذى يمتلك القدرة على فهم النص ولديه الآليات اللازمة لذلك ، وفى مقدمتها أن يكون حافظًا للقرآن عارفًا بأسباب النزول ، ولديه القدرة على التعامل مع السنة النبوية ومفردات علم اللغة حتى يعرف دلالة اللفظ بالإضافة لوجود التقوى ، والمشكلة الحقيقة أن من يملكون القدرة على الإجتهاد لا يجتهدون لأنهم يفضلون البقاء بمنأى عن هجوم الجامدين ونقد الناقدين ، والمشكلة الثانية هى إجتراء بعض غير القادرين على الإجتهاد عليه ، على الرغم من عدم قدرتهم على إمتلاك ( ملكة التشخيص ) للواقع أو تنزيل هذا الواقع على النص ، ولا شك أن ذلك يعرقل حركة الإجتهاد لأن المجتهد لا بد أن يشخص الواقع تشخيصًأ سليمًا ، ويقارن بين الواقع الذى يريد تطبيق النص عليه ، والواقع الذى نزل به النص ، وللأسف أن ثمة مشكلة كبرى مؤداها أن بعض المتخصصين فى الفقه الإسلامى يعتقدون أن كلام الفقهاء هو الشريعة ، ومن ثم يعاملون كلام الفقيه معاملة النص القرآنى رغم الفارق البين بين الشريعة والفقه ، فلا بد من التمييز بين المبادئ الموحى بها من الله والسنة النبوية ، والأحكام الواردة فيها ، وفهم الفقهاء للقرآن والسنة ، فهذا الفهم يسمى بالإجتهاد أما القرآن والسنة فهما الشريعة – وإذا أدركنا جميعًا ذلك سندرك حتمًا الفارق بين كلام الرسول وكلام الفقيه ، وما يجوز فيه الخلاف وما لا يجوز الخلاف فيه .. إنها أوجاع الواقع الإسلامى فى ظل الجمود والتجديد والواقع والمطلوب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق